أنماط الفكاهة, أي نوع من الفكاهيين أنت؟ اختبار

الاختبار هنا

الفكاهة لغة مزاح ودعابة وطرائف, وما يتمتع به من الكلام المسلي.
على مر العصور حاول العلماء دراسة روح الدعابة والفكاهة لدى البشر, وقد تم تناولها على عدة مستويات ومقاربات: اجتماعية, نفسية, بيلوجية... حيث درس كل عالم الفكاهة من مقاربته الخاصة.
وقد انبثقت عدة نظريات واختبارات لقياس حس الدعابة, كل من زاوية نظرته.
اليوم سنتطرق للفكاهة من وجهة نظر نفسية وتحديدا نظرية أنماط الفكاهة الأربع واختبار عالم النفس رود مارتن الذي يحظى اختباره بقبول بالأوساط العلمية.

حسب مارتن تبنى الفكاهة على عدة مراحل وعناصر: السياق الاجتماعي, العملية المعرفية الادراكية, الاستجابة العاطفية, التعبير السلوكي والصوتي للضحك.
لنشرح هذه العناصر الأربع:
أحيانا قد تردد حدثا حصل بالمدرسة أو بالعمل فيضحك زملاؤك منه, في حين أن الآخرين لن يفهموا مطلقا لماذا أنتم تضحكون... قد ينزلق شخص ما ويقع أرضا فيضحك أصدقاؤه, وهذا ما يمكن اعتباره السياق الاجتماعي, إذ لابد من وجود سياق اجتماعي للنكت أو الطرفة أو الحدث المضحك.
إذن عندما تلمح لصديقك بحدث طريف حصل لكما فإنه سيستخدم عقله وذاكرته وسيدرك قصدك وقد لا يتذكر الحدث أو لا يفهم تلميحك فتضطر لتفسير قصدك كي يفهم ويضحك وهذا ما يسمى بالعملية المعرفية الادراكية
بعد أن يفهم صديقك كلامك وطرفتك سيستجيب لها عاطفيا وسيشعر بالابتهاج والسرور من الطرفة...استجابة عاطفية.
بعد الاستجابة العاطفية سيضحك وستظهر تعابير وجهه وحركات جسده وصوت ضحكه ابتهاجه ومشاعره اتجاه الطرفة...التعبير السلوكي والصوتي
جميعنا كبشر نمتلك حس الدعابة والفكاهة وهي آلية جد مهمة في حياتنا وسمة من سمات الشخصية, إلا أن توظيفنا لهذا الحس يختلف ويتباين من شخص لآخر, لذا فقد تم تقسيم توظيف الفكاهة في حياتنا لأربعة أنماط, وجميعنا نستخدم هذه الأنماط الأربعة لكن بتفاوت, حيث نغلب نمطا على آخر.
وهي كالتالي:

1- الفكاهة الاجتماعية: إضحاك الآخرين
فكاهة إيجابية تعمل على توطيد العلاقات وبنائها, فهي تسهل التفاعل مع الآخرين, فالناس تفضل التعامل مع شخص يظهر مرحا وحس دعابة مقارنة مع الشخص الجاد, لذا يلجأ بعض الباعة مثلا للدعابة من أجل جذب الزبائن مثلا...قد يلجأ الأستاذ للدعابة ليصير متقبلا أكثر من طرف طلابه.
تخلق الفكاهة الاجتماعية بيئة تفاعلية مع الآخرين, وقد تفيد في الخطابات العامة لتقليص التوتر, فيلجأ من سيلقي عرضا أمام العامة لإلقاء بعض النكات لإضحاك الحضور وليحظى قبولا من طرفهم وبالتالي يقلل توتره الاجتماعي.
تعمل الفكاهة الاجتماعية كذلك على تقبل الأفكار وتجنب الانتقادات, فقد يسوق الشخص فكرته في قالب فكاهي فتصير متقبلة لكونها مضحكة في حين لو تم عرضها بقالب جاد قد تتعرض للانتقاد, ولهذا ترى كوميديين ينتقدون السياسيين أو ينتقدون المجتمع أو المعتقدات حول العالم في قالب ساخر فكاهي ليتم تقبل الانتقاد أكثر.

2- فكاهة تعزيز الذات: تسلية النفس
فكاهة إيجابية مهمتها القطع مع التوتر ومختلف المشاعر السلبية, يمكن لمسها على المستوى الفردي أو الجماعي, حيث يعمل الشخص على التفكير الإبداعي في الجوانب المضحكة والمسلية في مختلف المواقف الحرجة لإبقاء معنوياته مرتفعة, قد يسعى الشخص للبحث عما يسليه ويضحكه عند الشعور بالغضب أو الحزن, ويبدل جهده للقطع مع التوتر.
يعزز هذا النوع من الفكاهة الذات والتعامل الإيجابي مع مختلف المشاكل لحلها, هو نوع من الهروب الايجابي المتفائل.
فكاهة تعزيز الذات مفيدة أيضا في العلاقات الاجتماعية حيث يبحث الشخص عن الجوانب المسلية مثلا في شجاره مع الآخر, ومحاولة استسهال الصراعات للخروج من الحالة السلبية.

3- فكاهة تدمير الذات: السخرية من الذات
فكاهة سلبية مهمتها اجتماعية أيضا تعمل على توطيد العلاقات وذلك بالانتقاص من الذات والسخرية منها, فالشخص الذي يروي مواقف مضحكة حول نفسه يحظى بقبول من طرف الآخر لكونه يعطي انطباعا بالتواضع, وجميعنا نستخدم هذا النوع من الفكاهة من حين لآخر أمام العائلة والأصدقاء والغرباء أحيانا, إلا أنها قد تتخذ شكلا غير صحي مبالغ فيه.
تعمل هذه الفكاهة أيضا على تقليص التوتر في مختلف المواقف الحرجة بالسخرية من الذات, وقد تكون مؤشرا على الهروب من المشاكل أو إنكارها بشكل سلبي, فمثلا قد يشرح الأستاذ درسا لطالبه فيخبره طالبه أنه لم يفهم الدرس عن طريق وصف نفسه بالغبي في قالب فكاهي يضحك الأستاذ وذلك قصد الهروب من الانتقاد والتوبيخ كونه لم ينتبه للدرس.
وقد يسعى الشخص للاستنقاص من ذاته بشكل مبالغ فيه ليحظى بالقبول من طرف الآخرين بشكل يرتبط بضعف احترام الذات, فيتقبل أن يكون محط سخرية وتنكيت من طرف أصدقائه وأسرته ليبقى محبوبا من طرفهم, لأنها وسيلته الوحيدة للقبول الاجتماعي.

4- فكاهة عدوانية: السخرية من الآخرين
فكاهة سلبية مهمتها تعزيز الذات أيضا, وهي السخرية من الآخرين والضحك على مختلف المواقف التي يقعون فيها, وجميعنا أيضا نستخدم هذا النوع من الفكاهة بتفاوت سواء بوعي منا أو دون وعي, وسواء برضى الطرف الآخر (فكاهة تدمير الذات) أو بعدم رضاه, فقد يقع الشخص أرضا فيضحك أصدقاؤه من الموقف.
الهدف من هذا النوع من الفكاهة هو ذاتي وغير اجتماعي كونه يشعر الإنسان بالابتهاج هو ذاته عند السخرية من الآخر, وقد تتخذ شكلا مؤذيا مضرا عنصريا أحيانا أو تمييزيا (نكات حول عرقية ما, نكات حول جنس ما...).
هذا النوع من الفكاهة عكس بقية الأنماط يرتبط بقوة بالدين, حيث وجدت بعض الاحصاءات أنه يقل في أوساط المتدينين من مختلف المعتقدات التي تحرم السخرية من الآخر (الإسلام, المسيحية...إلخ) كما أنه عكس بقية الأنماط أيضا ينتشر بين صفوف الرجال أكثر من النساء لارتباطه بالهيمنة على المكان... إذ يلجأ الإنسان أيضا للفكاهة العدوانية في الخصومات أو لفرض هيمنته على الغير بالانتقاص من الآخر في قالب فكاهي ليتم تقبل الانتقاص أكثر من طرف المجتمع.
فلكي يتبث الشخص أنه أفضل منك أو أن وجهة نظره أفضل منك فإنه لن يلجأ للخطاب المباشر بل للسخرية منك والتنكيت حولك ووجهة نظرك.

وظائف الفكاهة:
مازالت الفكاهة ظاهرة غامضة وتحتاج المزيد والمزيد من الدراسات والأبحاث بمقاربات شتى.

وكما رأيت فإن الفكاهة متعددة الأبعاد ولها عدة وظائف منها: تقريب وجهات النظر, توطيد العلاقات الاجتماعية وخلق بيئة تفاعلية, القطع مع التوتر ورفع المعنويات, والهيمنة أيضا.
اعتمدت أغلب الدراسات على الفكاهة في بيئة العمل أكثر حيث يحدث التقاعل مع الأشخاص على أعلى مستوى, وقد تبين كيف أن الأداء يرتفع بين المستخدمين والموظفين الذين يخلقون جوا مرحا وفكاهيا فيما بينهم.
الاختبار الذي وضعت رابطه بالأعلى يعطيك فكرة عامة حول أنماط الفكاهة لديك, وهو ليس بدقة الاختبار الأصل, على كل بأخذك الفكرة العامة يمكنك العمل على تحسين أدائك الفكاهي وتقوية الأنماط الايجابية وتقليص الأنماط السلبية, وذلك قصد خلق شخصية وعلاقات اجتماعية صحية.

تعليقات