عيبي الوحيد أنني بلا عيوب

هل جربت يوما عد عيوبك؟
نحن دائما ما ندبّج سيرنا الذاتية بنقاط قوتنا ونعددها في مواقع التواصل الاجتماعي, لكن ماذا عن نقاط الضعف؟
من الصعوبة بمكان التحدث عن ما يعيب شخصياتنا, إننا بحاجة لأن نتصالح مع ذواتنا ونقف وقفة تجردية صريحة مع أنفسنا. الأمر يتطلب نظرة خارجية... أن نخرج من تقوقعنا وتمحورنا حول شخصنا ومن تم إمعان التأمل في أفعالنا انطلاقا من وجهات نظر الغير, علينا تجريب تقمص شخصيات غيرنا بمشاعرها وأسلوب تفكيرها ونحن نحلل أنفسنا, وتأثير أفعالنا عليهم.
أحضر ورقة وقلما وعدد نقاط قوتك ونقاط ضعفك وعيوبك وكن صريحا مع نفسك ولا تلتمس لنفسك الأعذار, فلا أحد سيقرأ ورقتك إلا أنت.
حينها فقط ستتمكن من استكشاف بعض من عيوبك وحتى التي تعتقد من زاوية رؤيتك أنها حسنات ايجابية.
ليست الغاية هنا أن نقف في صف وجهة نظر معينة أو أن نجلد أنفسنا ونقرعها, لكن على الأقل تفهم وجهات نظر الغير, ومحاولة تقبل من يحيطون بنا, أولائك الذين نحبهم وتهمنا وجهات نظرهم حولنا بسبب تأثير عيوبنا المباشر عليهم.
وسواء حاولت تغيير نفسك أم لم تحاول أم كنت ممن لا يحبون التغيير ويعجبك حالك فهذا لا يهم, الأهم أن تكون صريحا ومستوعبا لفظاعة ما تفعل, لا أن تبرر فعلك لصالحك كل مرة, فإن كنت تدري ومستمرا فتلك تعد مصيبة, ولكنني أحييك لصراحتك على كل حال... أما إن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم.

سألت صديقا لي عن عيوبه فأجابني أن عيبه الوحيد -ركزوا على الوحيد- هو وضع ثقته بأشخاص لا يستحقونها.
يمكنك عزيزي القارئ أن تستشف من إجابته رسائل عدة يريد أن يوصلها إلي وهي أنه أولا بدون عيوب مطلقا وأن له عيبا وحيدا, ثانيا أن هذا العيب الوحيد ليس عيبا أصلا, ثالثا أنه شهم وذو مروءة كونه يثق بالناس لأنه أهل ثقة فيظن أن الآخرين أهل ثقة مثله لكنه يصدم فيهم المسكين, وأن شهامته هذه مستمرة ومتواصلة فهو قدمها على أنها عيب وبالتالي فهو يثق بشكل متكرر بالناس, وأخيرا أن هؤلاء الأشخاص يسيؤون إليه ويتبثون له كل مرة كم هو رائع.
باختصار أن عيبه الوحيد هو أنه رائع جدا.
صديقي القارئ لابد وأنك تقابل هؤلاء الأشخاص كثيرا في حياتك, وتسمع منهم كلاما كهذا دائما, ألا تحس أن هناك أمرا ما خطأ أم أنني الوحيد الذي يشعر بهذا؟
تسأل أفعى رقطاء عن عيوبها فتجيبك أن عيبها الوحيد طيبتها الزائدة عن اللزوم وسذاجتها...
أكاد أتخيلها طفلة ساذجة بحفاظات ومخاط يسيل من أنفها ببراءة ليغطي شفتيها المطليتين بأحمر الشفاه, يا للبراءة!!
لماذا تدعي الأفاعي السذاجة؟ سؤال لم أجد له جوابا لحد الساعة.
أيتها الأفعى! الساذجة لا تعلم أصلا أنها ساذجة.

عندما أرى الجميع يتحدث عن عيوبه أحس وكأنني ربما أنا الشرير الوحيد بهذا العالم وربما أنا هو ابليس ذاته وقد فقدت الذاكرة في لحظة من اللحظات فظننت أنني بشر...عيوبهم يا صاح رائعة, ليث لي عيوبا كعيوبهم.
بعد أن أنهى صديقي ذو العيب الرائع شرح عيبه الذي يعذبه ويحاول التخلص منه, وبعد أن ودعني, أخذت أتفقد ظهره فقد اعتقدت أنه سيفرد علي جناحيه البيضاوين ليحلق بعيدا في السماء كملاك طاهر... لكن احزر ما الذي حصل؟
لقد استقل سيارة أجرة مثلما يفعل البشر.

 ليست المشكلة هنا أنه لا يريد الحديث عن عيوبه فإن هذا من حقه, لكن الاشكال في أن يعتقد فعلا أن عيبه الوحيد هو طيبة قلبه, فهنا تكمن الكارثة الحقيقية...
هؤلاء الطهرانيون يعتقدون فعلا أنه لا عيب لهم وأنهم على صواب دائما, إنه نحن معشر الشياطين من نلطخ براءتهم وغير قادرين على استيعاب الطهر الذي يفيض منهم.
أحيانا لما يضع أحدهم مقولة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الجانب السيء فيه طيبته وبراءته, يجعلني في محاولات عقلنة جملته أفكر بأنه ربما يخطط لأن يصير مجرما, فهو ربما يقصد أن طيبته هي العيب الذي يمنعه عن الوصول لعالم الإجرام, وأتساءل مع نفسي ترى كيف ستكون حسناته إذن؟
لابد أن حسناته هي الكذب والنفاق والخداع والتي تقابل سيئاته: الطيبة والسذاجة والثقة...
أو ربما هو قد قلب المفاهيم ويظن أن الحسنات هي السيئات... فأنا غير قادر على استيعاب كم الطهر والنور المتدفق منه والذي أعمى بصري.
لقد عدت للبيت بعد أن صدمتني عيوب صديقي الذي جعلني أندم أشد الندم عن سؤاله (عيبي الوحيد أن لي أصدقاء كهذا).. عدت لأنظر مليا للمرآة لأرى ما إذا كان لي قرنا شيطان وأنا غير منتبه.
لو أردت أن أتحدث عن عيوبي فإنني لن أتوقف مطلقا, ثم كلا ليست طيبتي وسذاجتي, ولا حتى ثقتي ومساعدة الغير ما أعتبرها عيبا.
لولا أن الله أمرنا بالستر لتحدثت عن العيوب والذنوب ما كبر منها وما صغر, وعن الموبقات والسيئات الجارية وغير الجارية.
وعن الشرور والطاقة السلبية التي أنثرها في كل مكان من حين لآخر.
غفرانك ربي.
لكن عموما أنت لن يهمك أن تعرف عيوبي لأنك لا تعرفني أصلا.
كما أنني لست مضطرا لاخبارك بها, وإن سألتني ولم تكن شخصا يعنيني سأرد عليك بأنني لست براغب في التحدث عنها, أليس الأمر بهذه البساطة؟ إذن لماذا يخبروننا أن عيبهم الوحيد أنهم رائعون؟

معشر المخلوقات النورانية من فضلكم خففوا من جرعات الطهر والنقاء الفياض بمواقع التواصل الاجتماعي...قلبي الصغير لا يحتمل.

تعليقات

  1. مقال نفسي رائع,, استمر ,, متابعك حتى النهاية

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك موزع السعادة :)
      شكرا لك
      أنتظر ردك بعد نشر كل مقال

      حذف
  2. (مشكلتي الوحيدة اني شخص طيب) هذه الكلمة المزعجة مجرد سماعها من شخص تصبح كصراخ طفل يتعمد ازعاجك ولا يتوقف عن فعل ذلك...والأسوء انها اصبحت منتشرة بشكل مقرف ..اريد من امثالهم ان يقرأو هذه المقالة ..لا ليس قرائتها فقط بل حفظها وكتابتها على حجر ليتوقفوا عن وصف انفسهم بالأكاذيب ... حسنًا أنا لا اختلف سوء فأنا أعرف عيوبي بالفعل ولا أفكر بتغييرها وقد أستخدمها عمدًا على البعض وذلك يعجبني أيضًا ..على أي حال الزمن يمضي والناس يتعلمون وقد ينظرون للأمور بزاوية جديدة
    مع أنك تقول ان مقالاتك لن يستفيد أحد منها ولكن أعارض ما تقوله فهذه المقالة قد تجعل شخص ما ربما يغير وجهة نظره ويفكر من جديد
    مقالة رائعة ومتشوقة لقرائة باقي أعمالك

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك سوكو :)
      شكرا على ردك ومتابعتك, أسعدني ذلك كثيرا.
      يبدو أن عيبك الوحيد أنك صريحة ههههههه

      حذف
  3. "عيبي الوحيد" تلك الكلمة اصبحت كالوباء في مجتمعنا
    وربما يجد احدهم الترياق في مقالك
    مقالك اكثر من رائع
    متشوقة لقراءة باقي اعمالك

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا Yoko :)
      شكرا على المتابعة, أتمنى أن أبقى عند حسن ظنك.

      حذف
  4. يقول لك : عيبي الوحيد أنني مسكين، طيب، أثق فالناس...الخ! من أجبرك يا عزيزي على أن تتصف بهذه الصفات؟ هل يهددك أحد بالقتل اذا لم تثق بجميع الناس وتنصدم منهم؟ اذا توقف عن النحيب الكاذب وأرحني من خزعبلاتك.
    هؤلاء من المفترض أن نرد عليهم " عيبي الوحيد أنني استمعت إليك "
    رغم أنه ليس عيبي الوحيد لكن نمشي على وفق نمطهم الأهبل.

    ردحذف
  5. عيبي الوحيد أني طيبة و عفوية خخخخهههههههههههههههههههههههه
    المعذرة ، أردت إزعاجاكم بتعليقي ذاك
    +
    الأفضل أن يكون الشخص متصالح مع نفسه سواء من العيوب و الحسنات
    ما يرفع من قدره و كأنه ملاك طاهر و لا يحتقر من نفسه .




    ردحذف
    الردود
    1. أهلا Mayumii aerith
      سبحان الله عيوبك تشبه عيوبي ولكن عيبي أسوء من عيبك فأنا جد طيب أطيب شخص من الممكن مقابلته وأحاول أن أتخلص من هذا العيب دون فائدة,
      دعواتك معي أصير شرير لأنني تعبت من هذا العيب :(

      حذف

    2. أهلاً جواد


      لما تود التخلص من حسنة كهذه ؟
      أتمنى أن تكون كما أنت و لا تهتم بما يقوله الآخرون عنك

      إذا كانت الطيبة متعبة لك ، سأعيرك جرعة من شروري لعلها تقلل من طيبتك
      و تجعلها متوازنة و لا تسبب لك الأذى و بالتالي لن تعتبرها عيب هههههه

      في نظري كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده
      و الأفضل نحاول موازنة صفاتنا عشان ما نعتبرها عيب بالأخير ^^

      حذف
  6. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف