حوار جريء مع فنان صاعد حول ما يصطلح عليه فن عربي


قرر برنامج خاص بالنجوم والنيازك استقبال فنان صاعد حقق ألبومه الأخير أعلى المبيعات على مستوى الوطن العربي, ورغم أن العرب لا يشترون شيئا ويستمعون للأغاني مجانا على الانترنت إلا أن البرنامج يصر على أن يستقبل أصحاب أعلى المبيعات وأعلى المشاهدات على اليوتوب, حيث حقق فيديو كليب الفنان الصاعد مشاهدات تفوق فيها على مشاهدات أغاني فنانين عالميين, وقد قرر البرنامج استقباله بعد أن كان يستقبل وجوها كئيبة لسياسيين قرف المشاهد منهم وصار اللقاء الحواري اليومي منبوذا. لذا أراد البرنامج أن يبث دماء جديدة ويظهر بشكل جديد باستقباله للفنانين الصاعدين والنجوم الساطعين لكسب عدد مشاهدات لابأس به كي لا ينصرف عنهم المعلنون, من أجل قوت عيالهم.

دخل الفنان الصاعد الاستوديو معتدا بنفسه وأنفه للأعلى, رافضا النظر أمامه حتى لكاد يقع أرضا بعد تعثره بساق الكرسي, لولا ألطاف الله ولولا أن أمسكه مدير أعماله... جلس الفنان الصاعد بالكرسي يعدل ياقة قميصه وهو يتنحنح وينفض الغبار بأصابعه الرشيقة من على كتفه بعد أن ربت المذيع على كتفه محييا إياه, ثم وضع رجلا على الأخرى بشكل متصالب وهو لا يزال ينظر للأعلى يمنة ويسرة رافضا النظر للمذيع أو المخرج أو حتى الكاميرا لأن خلف الكاميرا يقف المصور.

وبعد صمت دام بضع دقائق نطق الفنان الصاعد أخيرا موجها كلامه للمذيع دون أن ينظر إليه وهو يعبث بنظاراته الشمسية: كما اتفقنا 30 دقيقة فقط, ولا أسئلة محرجة, وأي تجاوز للوقت المسموح به سيكلف إنتاج البرنامج دفع 10 آلاف دولار لكل 30 ثانية إضافية كما جاء بالعقد.
المذيع محاولا أن يتمالك أعصابه: سيمر كل شيء على ما يرام سيدي لا تقلق.

نظر المذيع للكاميرا ليعلن ابتداء الحلقة: أهلا بكم أعزائي المشاهدين, اليوم وكغير العادة وكما وعدناكم نستقبل الفنان الصاعد معبود الملايين وحبيب الجماهير ومذوب المعجبين.
التفت المذيع للفنان الصاعد مرحبا: أهلا بك فناننا الصاعد...
لكن المذيع لم يكمل جملته وارتسمت علامات الدهشة على محياه مما جعل المخرج يغير بسرعة اللقطة للكاميرا رقم اثنان الموجهة لوجه الفنان الصاعد الناعم.
لقد تحول وتلون الفنان الصاعد بعد تشغيل الكاميرا وصار يجلس بشكل مؤدب وجد متواضع وبملامح وجه طفولية حنونة.
الفنان الصاعد بصوت حنون: أهلا بك حبيبي! وأهلا بمشاهدينا الكرام, وأنا سعيد حقا بأن قمت بتشريفي واستقبالي ببرنامجكم الرائع الذي أسهر على متابعته كل ليلة, وأتمنى أن أكون خفيفا عليكم وعلى المشاهدين.
المذيع وهو يرفع أحد حاجبيه: شكرا لك فناننا الصاعد نحن أيضا جد مسرورين بتواجدك اليوم معنا.
الفنان الصاعد وهو ينظر للأسفل بتواضع شديد: شكرا لك حبيبي.
المذيع: حسن نبدأ بأول سؤال يتبادر على أذهان المشاهدين وهو ما سر تسميتك بالفنان الصاعد؟
الفنان الصاعد: لقد كنت قبل الشهرة أقطن بالطابق التاسع بعمارة لم تكن تتوفر على مصعد وكنت مضطرا لصعود الدرج كل يوم.
المذيع: هذا كثير!!
الفنان الصاعد بتواضع: الحمد لله على كل حال.
المذيع: وأين تقطن اليوم؟
الفنان الصاعد: بفيلا مطلة على البحر, لقد كانت أغنيتي الأولى التي ألفتها رفقة بعض من أصدقائي فاتحة خير علي.
المذيع: وأين هم الآن أصدقاؤك الذين ألفت معهم أغنيتك الأولى.
الفنان الصاعد: لا زالوا يقطنون بنفس العمارة التي كنت أقطنها.
المذيع: بالطابق التاسع!!!
الفنان الصاعد: لا بالطابق الحادي عشر.
المذيع: ولماذا لم يشتهروا مثلك؟
الفنان الصاعد: لأنهم رفضوا أن يجروا بعض العمليات التجميلية لوجوههم ليجعلوها تبدو أنعم أكثر ورفضوا أيضا ترطيب شعرهم وطلاء أظافرهم للأسف.
المذيع: إن شاء الله يكونوا الآن متابعين للحلقة ويغيروا رأيهم ويبادروا بعمليات تجميلية لملامح وجههم, لتغيير وضعهم المادي والاجتماعي.
الفنان الصاعد: أتمنى ذلك, وإن كان للمال علاقة فأنا مستعد لأن أتكفل بالجانب المادي, لأنه من غير المعقول أن أقطن أنا بفيلا وهم بشقة مكونة من 50 مترا مربعا بالطابق الحادي عشر, وبدون مصعد.

ثم ذرف الفنان دمعتين من عينيه بعد أن عصر نفسه طويلا وقد اقتربت الكاميرا كثيرا لوجهه من أجل توثيق الدمعتين النازلتين على خده الناعم للتأثير على المشاهد, وقد صارت تبدو تفاصيل وجه الفنان الصاعد أوضح وظهرت البثور التي تغطي وجهه بشكل بارز مما جعل المخرج يعيد الزوم كما كان بالبداية بسرعة.

المذيع: هل هناك مشروع زواج لفناننا الصاعد قريبا؟
الفنان الصاعد: لا أبدا, لا يمكنني أن أتزوج.
المذيع: لما؟
الفنان الصاعد: لأن لدي معجبات كثر ولا أريد أن أتزوج امرأة تريدني لها فقط وتخنقني بغيرتها, لأن طبيعة عملي تتطلب أن أكون محاطا بالمعجبات, فهمت قصدي؟
المذيع: بلى فهمت قصدك, وقد تجرك للمحاكم حتى بتهم ثقيلة بسبب المعجبات, وقد تبتزك بمقاطع فيديو لك مع المعجبات أيضا إن ساءت العلاقة.
الفنان الصاعد مترددا: آه بلى.
ثم التفت إلى مدير أعماله ومحاميه ليطمئن من أن كل شيء على ما يرام, وأن السؤال لم يكن يسيء لصورته, فأومأ المحامي برأسه مؤيدا كلام المذيع, ليطمئن الفنان الصاعد وينظر مجددا للمذيع بوجهه الناعم وابتسامته الرقيقة.

المذيع: لقد ثارت مؤخرا ضجة حول اتهام من احدى المعجبات ادعت أنها كانت على علاقة غرامية معك, وأنك وضعت لها مخدرا بالعصير لاغتصابها وأنها أنجبت منك طفلا غير شرعي حاليا, هلا أوضحت لنا القضية.
الفنان الصاعد: أعوذ بالله أنا ليس لدي أي طفل غير شرعي, الفتاة أجهضت...
المذيع: وهل كان ما أجهضته ابنك؟
الفنان الصاعد وهو ينظر بطرف عينه لمحاميه مجددا مترددا في الإجابة: في الحقيقة أنا لا أدري لا أذكر الفتاة أبدا.. أقصد لا! لا ! ليس ابني بالتأكيد ما هذا الكلام؟ لكنني أشفقت على الفتاة رغم ذلك وقررت مساعدتها وإجهاضها في أوربا.
المذيع: هل ساعدت على إجهاضها فعلا!!
الفنان الصاعد وقد بدأ يتصبب العرق من جبينه وهو يلتفت خلفه ينظر للمحامي نظرات استجداء: لا هي كانت مريضة, كان الأطباء قد طلبوا منها إجهاض الجنين لأنه قد يقتلها, فهي لم تكن تملك تكاليف العملية فقررت مساعدتها بعد أن اعتذرت لي وشرحت موقفها بأنها اتهمتني فقط للفت الانتباه لها وجمع المال الكافي للعملية.

المذيع: حسن فناننا الصاعد, نعود للحديث عن أعمالك الفنية الجديدة, لقد أحدث فيديو كليب أغنيتك الأخيرة جدلا واسعا وشرخا في صفوف معجبيك, حيث اتهموك بالاباحية لظهور فتاة عارية تماما كما ولدتها أمها بمشهدين بالفيديو.
الفنان الصاعد: لا حول ولا قوة إلا بالله!! أنا يا سيدي الكريم من أسرة جد محافظة وجدي كان شيخا ووالدي يحفظ القرآن كاملا, وأنا ولله الحمد أصلي الصلوات السبع المفروضة يوميا وأصوم شعبان وأتبعه بست من رمضان وأحج بالسنة مرتين, ولا أقول هذا رياء, ولكن لأخرس أولائك الذين يتهمونني بالاباحية.
المذيع: لم نفهم قصدك, ما دخل هذا بالمشهدين؟
الفنان الصاعد: لا إله إلا الله!! مجددا!! يا سيدي الفاضل لم تكن الفتاة عارية أبدا, لقد كانت ترتدي ملابسها أثناء التصوير ولا أحد منا رآها عارية ولا المصور ولا المخرج, ولكننا قمنا بمعالجة الفيديو وقد قام مهندسوا الفيديو بإظهارها عارية من أجل رفع عدد المشاهدات ولكنها في الواقع لم تكن كذلك. لا! أعوذ بالله, والدليل أنها رفعت ضدنا دعوى قضائية...أليس كذلك؟ (وهو ملتفت للمحامي)
والمحامي يومئ برأسه مؤيدا دائما.

المذيع: على ذكر الدعاوي القضائية, لقد سمعنا إشاعة تقول أنك تعرضت للتوقيف بمطار احدى الدول اللاتينية وبحوزتك كمية من المخدرات, ما تعليقك؟
الفنان الصاعد: بلى فعلا لقد اعتقلوني بعد أن ضبطوا بحوزتي كمية من المخدرات التي لا أعرف كيف وصلت إلي وقد شرحت لهم أنني لم أكن على علم بها, وبأن الأمر ربما كان مؤامرة لبعض الحساد.
المذيع: أين ضبطت المخدرات؟
الفنان الصاعد: بأمعائي على شكل كبسولات.
المذيع مستغربا: أمعاؤك؟ ولكن كيف وصلت إلى هناك دون علمك؟
الفنان الصاعد وهو يتصبب عرقا مجددا: صراحة هذا ما لا أعلمه, ربما أحدهم وضع لي مخدرا في كوب العصير كما حدث للفتاة.
المذيع: ولم تشعر بتواجد المخدرات بعد أن استيقظت؟
الفنان الصاعد: سطوووب!! أوقفوا التصوير!!  لقد استحملت أسئلتك السخيفة طويلة! هذا يكفي.
ثم التفت للمحامي والمحامي يومئ برأسه مؤيدا.
المذيع محاولا تهدئته: حسن أيها الفنان لا تقلق سنقوم بحذف هذا السؤال لا تقلق, من فضلك سنختم اللقاء الآن.
المذيع خاتما اللقاء: ختاما أيها الفنان الصاعد نحن نشكرك على رحابة صدرك, وعلى اللقاء الممتع ونتمنى أن نختم بجديدك, لقد وصلنا من مجلة الفضائح الأشهر عربيا أنك ستصور فيديو كليب جديد هذه المرة بشراكة مع المغنية السويدية المثيرة للجدل.
الفنان الصاعد وقد بدا التوتر والتعب على وجهه: لا أبدا, ليست مثيرة للجدل أبدا...
المذيع: تبدو متعبا, هل أنت مريض؟
الفنان الصاعد وهو يهرش جسده بكلتا يديه ويمسح تحت أنفه بسبابته: أجل أنا مريض, لدي حساسية.
ثم التفت لمدير أعماله طالبا منه جلب الدواء, فسارع المدير ليناوله كيسا بلاستيكيا صغيرا به مسحوق أبيض.
الفنان الصاعد موجها كلامه للمذيع: أتمنى أن تعذرني أحتاج لأن أتناول الدواء.
المذيع: تفضل لا مشكلة, وهذه أول مرة نعلم فيها أنك مصاب بالحساسية, وأتمنى أن يضع التقنيون الخبر أسفل الشاشة بشريط الأخبار العاجلة والحصرية.

فتح الفنان الصاعد الكيس بيدين مرتجفتين وهو يتصبب عرقا, ثم سكب بعضا من المسحوق على الطاولة الزجاجية أمامه وقرب فتحة أنفه اليمنى من المسحوق وهو يغلق الفتحة اليسرى بأصبعه ليستنشق الدواء.

المذيع بعد أن انتهى الفنان الصاعد من تناول الدواء: معافى إن شاء الله.
الفنان الصاعد: شكرا لك, أين كنا؟
المذيع: كنا نتحدث عن عملك الجديد.
الفنان الصاعد مبتهجا وقد ثقل لسانه نوعا ما: أجل عملي الجديد أغنية بكلمات جد قوية من تأليف الشاعر الكبير
المذيع: كبير..كم عمره؟
الفنان: 87 سنة...أما الألحان فمن تأليف الملحن الضخم.
المذيع: ضخم...كم وزنه؟
الفنان: 245 كيلوغراما... أما التوزيع فمن إهداء موزعنا العملاق.
المذيع: عملاق... كم طوله؟
الفنان الصاعد: ربما مترين...
ثم التفت إلى مدير أعماله الذي أومأ له برأسه مؤيدا.
المذيع: هل من الممكن أن تسمعنا مقطعا من جديدك بشكل حصري؟
الفنان مبتهجا: أجل أكيد.. هل من الممكن أن أستخدم الطاولة من أجل الايقاع؟
المذيع مترددا: ألست عازفا على القيثار؟
الفنان الصاعد ضاحكا ضحكة مجلجلة: قيثار قيثار قيثار...
المذيع مضطربا: حسن فناننا الصاعد أظن أن الدواء قد بدأ مفعوله تحتاج لأن ترتاح الآن قليلا.
ثم وضع المذيع أصابعه على أذنه منصتا لتوجيهات المخرج بالسماعة.
المذيع: حسن المخرج يريد أن ننهي اللقاء بمقطع من جديدك إن كنت قادرا على أن تغني لنا مقطعا من أغنيتك بشكل حصري للقناة.
الفنان الصاعد وهو يطرق على الطاولة الزجاجية بكفيه:
هي هي هي أنت حبي, أنت أنا أنت هو
يا عيني يا ليلي
يا حبيبتي يا عمري
هاو هاو هاو هاو
ميااااو
حبيبتي أنت حياتي عمري
هو هو هو هو هو هو
مدد مدد مدد
أنت أنا
أنا هو
هو هي
من أنا
من أنت
من أنتم
يا ليل يا عين
المذيع مقاطعا: شكرا لك فناننا الصاعد, المخرج يقول أن هذا يكفي لأن الطاولة بدأ سطحها الزجاجي يتشقق من قوة القرع عليها... ونحن سعيدون بتشريفك لنا.
الفنان الصاعد: هو هو هو هو
المذيع: شكرا لك شكرا!! يكفي.
الفنان الصاعد: هاو هاو هاو
المذيع متجاهلا الفنان الصاعد وهو ينظر للكاميرا: وبهذه الايقاعات الرائعة لجديد فناننا الصاعد نختم لقاءنا الشيق على أمل أن نلتقي ليلة غد مع المغني النجم الساطع فترقبونا.
ثم عاد ينظر للفنان الصاعد الذي لا يزال يطرق بكفيه على الطاولة والمحامي ومدير الأعمال يومئان برأسيهما مؤييدين لكلمات الأغنية.

تعليقات

  1. ههههههههه رهييييب يا جواد
    اسلوبك الساخر في الكتابة رائع جدا
    اليوم تعرفت على المدونة و لحد الان اقرأ المقالات السابقة :D

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك يا عزيزي
      سعيد بمتابعتك, أتمنى أن أبقى عند حسن الظن :)

      حذف
  2. غير معرف9/08/2016 10:33:00 م

    هههه حال فنان الجزايري

    ردحذف
  3. رائع,, مستمر في قراءة مقالاتك,,,

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا صديقي العزيز.
      أتمنى أن أبقى عند حسن الظن.

      حذف
  4. غير معرف9/10/2016 05:55:00 م

    ههههههههه مدونتك مضحكة ان شاء الله سأكون من المتابعين لك

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا وسهلا بك :)
      المدونة مدونتك.
      ماذا أضيفك؟ شاي أم قهوة؟

      حذف
  5. أجزم بأن أصدقائي يعتقدون أنني مجنونة لأنني لم أتوقف عن الضحك منذ ليلة أمس فقد التهمت المدونة بأكملها إلا مقالتين!
    رائع.

    ردحذف
  6. هههههههههههه رائع جدا

    ردحذف
  7. هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههے متت 😂😂😂

    ردحذف
  8. هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه تحفففففففففففففة والله

    ردحذف