الوثنية بالدول العربية: طابور خرقة ونشيد نشاز


أنا وطني حتى النخاع, فأنا أعلق خرقة الوطن بغرفتي وأتوشح بها في صوري وأحفظ نشيد الوطن.
أقبض رشاوى بمكتبي وأسرق مال الوطن من خزينته وأرمي القمامة على أرصفة الوطن فالوطن خرقة ونشيد لا غير.

الوطنية هي أن تصطف في طابور صباحي بالمدرسة لتردد أغنية الوطن, يشغلون النشيد والموسيقى من جهاز تسجيل بال, لأن لا أحد يجيد عزف ألحان الوطن, فالوطن لم يعلم أحدا العزف أو الغناء ومع ذلك يريد منك أن تغني له.

الوطنية هي أن تتوشح بخرقة الوطن في كل المناسبات وأن تغضب من ذلك الذي يسيء لهذه الخرقة, في حين يتضور أخوك وأبناؤه جوعا لأن الوطن طرده من العمل دون تعويض.

الوطنية هي أن تمر بسيارتك التي طليت بألوان خرقة الوطن متجاهلا كل إشارات المرور ومنتهكا قوانين هذا الوطن.

الوطنية أن تغتاظ من شخص مجهول على الانترنت انتقد سياسة الوطن, وتحاول أن تخمن ما هي جنسيته لتسيء لوطنه بالكلام النابي وهكذا انتصرت للوطن...وطنك.

الوثنية أو الوطنية لا يهم, هي أن تغش في عملك وتترك المواطنين طوابير أمام مكتبك كما كانوا يفعلون بالمدرسة صباحا لتحية الوطن, ولكن هذه المرة ليس لتحيته وإنما طلبا لخدماته, فتتركهم وتذهب لتشاهد مباراة يشارك فيها المنتخب الوطني لتشجع لاعبي الوطن.

الوطنية هي أن تذرف دموع الفرح عند فوز المنتخب في دحرجة الجلد المنفوخ وتمكنهم من إدخال الطابة في الشبكة وتخرج بسيارتك بشوارع الوطن تهتف له رافعا خرقة الوطن وأنت تصرخ كالمخبول: فزنا فزنا! في حين مايزال طابور المواطنين مصطفين خلف مكتب خدمات الوطن بانتظار قدومك.

الوطنية هي أن تتمنى طول العمر والسعادة والهناء والرخاء والغنى والصحة والعافية لقادة الوطن وأنت غير قادر على الحصول على عشر هذه الأمنيات حتى في أكثر أحلامك ازدهارا.

الوثنية أن تلتمس لقادة وطنك سبعين عذرا لأخطائهم وتصر على أن المواطنين يستحقون ما ينالهم من جور وأذى من قادة الوطن, لأنهم غير مخلصين لهذا الوثن, وأن الخطأ خطأ الوطن وليس قادته.

الوطنية أن تنتقد والدك إن أخطأ وتزبد وترعد من ذاك الذي ينتقد أحد قادة الوطن إن أذنب.

الوطنية أن تفتخر بعالم فزياء وعالم أحياء حصل على جائزة نوبل كان فيما مضى يعيش بهذا الوطن قبل أن يهرب لوطن آخر اعترف بقدراته ومكنه من إكمال دراسته وإجراء تجاربه إلى أن حصل على جائزته, لتنسبها أنت لاحقا للوطن الذي فر منه.

الوثنية أن يخرج مسؤولوا الوطن بطوابير من السيارات خلفهم لتدشين مشروع خم الدجاج وقن الأرانب وتقوم وسائل الإعلام بتغطية هذا الحدث الأكبر لتنقل الجنابة مباشرة على القناة الرسمية للوطن.

الوطنية أن ترى كارثة إنسانية في وطن آخر فتحمد الله أنك تعيش في هذا الوطن الآمن الراكد متمنيا أن لا يقوم أحد برمي بركة الوطن الآسنة بحجر كي لا تطفو العفونة على السطح وتبقى راقدا راكدا بقية العمر.

الوطنية أن تبث وسائل إعلام الوثن أهازيج وأغاني الوطن رافعين خرقه في كل مكان مرفوقة بصور قادة الوطن ومشاريع الوطن من جسور وسدود وبنى تحتية وفوقية كأنه إنجاز عظيم لم ينجز أي وطن آخر مثيلا له.

الوثنية أن تخاف من أصحاب الفخامة والمعالي, أشد خوفا من صاحب الجلالة عز وجل.

الوطن هو أنا وأنت وليس خرقة ونشيدا, تلك الخرقة رمز لنا نحن, ليست مقدسة في حد ذاتها.
الوطن هو البشر وليس الحجر.
الوطن ليس أغنية أو نشيدا بل واجبات وحقوق.
أن تكون وطنيا يعني أن تقوم بواجباتك وتدافع عن حقوقك.
 ما يعتقده البعض وطنية في حقيقة الأمر وثنية خالصة.

تعليقات

  1. روتين الوطنية لاجل وطنية افضل هه

    ردحذف
  2. امر سيء أن العوام ليسوا مثاليين,,, متابعك,,, تقدم يا وحش,,,

    ردحذف
  3. كلام جميل نحن لا نحتاج لوثنيتهم بل نريد مواطنون لا يغضو بصرهم عن الفساد وأعطاء لكل مواطن حياة كريمة

    ردحذف