الجريدة الأكثر اصفرارا في العالم

الجريدة الأكثر اصفرارا في العالم جريدة ناطقة باللغة العربية ولاريب, تمر عليها صبح مساء تراها في الأكشاك لا تصلح أوراقها لمسح الزجاج لأنه رخيص جدا يعلق فتاته بالنوافذ فيتركه أصفرا فاقع لونه لا يَسُرّ الناظرين.. أما حبرها فيعلق بالأيدي تُضطر بعد تصفحها لفرك كفيك وغسلهما سبعا آخرها في التراب.

الجريدة الأكثر اصفرارا بالعالم هي جريدة سرمدية تُقاوم وتجاهد التغيير ولم يُفلح الزمن في التأثير على ملامح صفحاتها, فهي نفسها بكل مكوناتها منذ أن ظهرت للوجود قبل الاستعمار الفرنسي والبريطاني وقبل اختراع الورق الغير أصفر.
لا زالت الجريدة الأكثر اصفرارا تصر على أن تصارع الموت وتأبي التحول للعالم الافتراضي لأن مدير التحرير يريد أن يبقى دائما مديرا للتحرير والتحوير والتبوير.

لا أحد صار يقرأ الجرائد لأنها تصفر يوما بعد يوم, أخبارها بائتة تفوح منها رائحة الحموضة كالطعام الذي قضى يومين خارج الثلاجة...
يلجأ أصحابها للرأي والتحليل للأخبار الزائفة بعد أن تقبّلوا واقع أنهم غير قادرين على مجاراة السخافة الالكترونية الغير مطبوعة, وقنوات خبر عاجل...

تمر على الكشك فتقرأ عنوانا عريضا لجريدة محلية اخضرت أوراقها من العطن تُعنى بشؤون منطقتك: "أب يغتصب ابنته القاصر", تتعوذ من الشيطان الرجيم وتبسمل وتحوقل وتتأسف على مجتمعك الذي لم يعد كما كان بالسابق وينتابك الفضول حول هوية الأب وما إذا كان قد سبق ورأيته... قد يكون جارك غريب الأطوار!!
تشتري الجريدة بدافع الفضول وتنتقل مباشرة لقراءة الخبر كاملا فتقرأه كالآتي: "تجرد بيل في ولاية كاليفورنيا من كل مشاعر الرحمة والأبوة وهو يغتصب ابنته القاصر كاترين ذات الخمس عشرة ربيعا".

تحاول التجول بين صفحات جريدتك الصفراء لأنك اشتريتها وانتهى الأمر ووقعت في مقلب عناوين الإثارة والتسويق.
تقلب الصفحة تقرأ أخبارا فنية عن سقوط ملكة جمال تشيكسلوفاكيا وخبر وقوع فستان تلك الفنانة التي يقع فستانها في كل عناوين مواقع: أدخل بسرعة قبل الحذف!!
تقلب الصفحة لتقرأ تعزية لمسؤول ما في وفاة جدته وتهنئة لنفس المسؤول لزواج ابنة عم جاره.
فهذا المسؤول صاحب شركات ويتملقه مدير التحوير لدواع إعلانية.

تقلب الصفحة لترى ألغازا ونكتا مبكية, تجد أيضا الكلمات المتقاطعة والمبعثرة, شات الأنس, اتصل بنا للتعارف, مسابقة الفائز فيها لا يُعلن اسمه أبدا.

تقلب الصفحة تقرأ تحليلا وتملقا لخبر قيام أحد أصحاب المقام العالي جدا بتدشين مشروع خم الدجاج... قراءة المقال قد تخرجك من الملة بسبب الكم الهائل من النفاق والتملق والتقديس للذات العالية.
المقال يصلح تعويذة لاستجلاب الجن والعفاريت.

تقلب الصفحة فترى إعلانات ليمونادا بالحنة وبسكويت بالشمة.

تقلب الصفحة ترى صفحة مخصصة لمواهب الشباب المتابع الوفي للصحيفة السخيفة, خواطر شابة تحاول جاهدة أن تبدو غامضة ساحرة في كلماتها التي لا يفهمها غيرها وقرينها, ومقال تحليلي لشاب يحسب نفسه خبيرا استراتيجيا يتحدث وكأنه يَحضُر جلسات مجلس الشيوخ الأمريكي السرية.
يُسَخّر هؤلاء الشباب الواعد أقلامهم الغير واعدة للكتابة المجانية في جريدة رئيس التحوير الصفراء تلبية لرغبة الظهور والبروز أمام الأهل والأصحاب وليضيفوا بمواقع التواصل الاجتماعي جملة: كاتب رأي في جريدة ورقية...
وااااو إنه يكتب في جريدة ورقية!! ماذا نحن فاعلون؟
أما رئيس التحوير بصحيفة ورق النوافذ فإنه سيطير فرحا كلما بعث له أحد هؤلاء الشباب والشابات مواضيع يحشو بها جريدته ليُكمل عدد المواضيع التي ينشرها كل يوم ولأن عدد الموظفين والصحفيين بالجريدة ضئيل لأسباب مادية فهؤلاء الكُتّاب يقدمون خدمة جليلة لصاحب الجريدة بكتاباتهم المجانية.

أيضا تقلب الصفحة تجد نصائح (طبية) لإطالة ما يُمكن إطالته ووصفات تضخيم بقية الأغراض مع تعهد من طرف الجريدة بطرح الأسئلة التي قد تُحيّرك وتُثير فضولك بهذا الخصوص سيدي سيدتي على خبير هذه الأشياء بالعدد القادم.

لا تنسى شراء العدد القادم من الجريدة!!

تعليقات

  1. يبدو أنني عرفتُ عن أي جريدة تتحدّث، هذا يشبه وصف جميع الجرائد التي أستمتع بجعلها مائدة للطعام.
    لا بد من أنك قد نسيت قسم التنبؤ والتنجم بالطقس الذي لا يفلح أبدا، وقعت في فخ هذه اللعبة مرة وتبت بعدها ألف مرة.
    شكرا على واقعيتك الجميلة.

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا Wei Fang :)
      تبا لقد نسيت الأبراج والطقس.

      حذف
    2. ههههه وعروض الزواج....ابحث عن ارملة سمراء...

      حذف
  2. >تقلب الصفحة فترى إعلانات ليمونادا بالحنة وبسكويت بالشمة.
    لم تخبرنا عن جنسيتك لكن أوصافك قامت بذلك ، هاشتاغ للمزيد من التفاهة

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بعودتك Smail Liams سعيد برؤيتك مجددا.
      لقد سبق وقلت أكثر من مرة أنني من المغرب في التعليقات وغيرها.

      حذف