لماذا يعتقد كثر أن الصعود للقمر كذبة؟

 لن أستعرض هنا أدلة صعود أو نزول أحد, لم يسبق لي أن اشتغلت بأي وكالة فضاء.
لا يتوفر أحد من العامة على العلم الكافي لمناقشة مسألة صعود إنسان أو حيوان للقمر, لأنها مرتبطة بعلوم شتى تقع تحت مظلة علوم الفضاء (هندسة الطيران الجوي والفضاء,الفلك وتفرعاته: فيزياء فلكية, علم الكون الفيزيائي, علم الكواكب ... الطب الفضائي والعديد من العلوم الأخرى غير المتوفرة لدينا) وبالتالي من يخرج علينا من العامة يدعي تمكنه من تحليل الأدلة فهو يعاني من مستوى جد متقدم من وهم التفوق.

لكن السؤال يبقى مطروحا وهو لماذا يوجد عدد كبير من الناس حول العالم قاطبة يكذّبون مسألة صعود الأمريكان للقمر بل وتتزايد أعدادهم مع مرور السنوات؟ في حين لم يكذّب أحد الرّوس لما أرسلوا أول إنسان للفضاء مثلا.
وهذا ما سأناقشه وأفسره, بتناول النفسيات والخلفيات والحيثيات.

لنتفلسف إذن بما فيه الكفاية.

1- الصعود للقمر حدث بشري وليس نظرية علمية:
النظرية العلمية: هي تفسير لظاهرة من الظواهر الطبيعية بشكل يمكن اختباره والتحقق من صحته مرارا وتكرارا وفق منهجية علمية واضحة المعالم.
ولنأخذ مثال كروية الأرض فإن الأرض إن كانت كروية فهي كروية دائما وليس لبضع ساعات قبل ست سنوات, وبالتالي يمكن التحقق من كرويتها عن طريق عدة طرق علمية وبشكل متكرر.
صعود الأمريكان للقمر: ليس نظرية علمية بل حدث بشري حصل في مدة زمنية معينة ولم يتكرر طبعا.

وبالتالي فإن مناقشة الأدلة بخصوص هذا الموضوع أخذت على مر العقود شكل تحريات واستقصاءات صحفية بالعادة, كإجراء حوارات مع رواد الفضاء الذين صعدوا للقمر, وخبراء بهذا الخصوص ورجال استخبارات عاصروا الأحداث إلخ...
ولأن المسألة حدث بشري حصل بالماضي فإنه يسهل انتشار فكرة التكذيب والتشكيك في حدوثه بين العامة بسهولة.
والتفلسف حول الأدلة العلمية لن يجدي نفعا في إقناع من تسرب الشك إلى نفسه وصار في ريب عظيم.

ولأفسر أكثر سأقترح السيناريو التالي: أنا جواد سافرت لزيمبابوي بعد العيد السعيد وصادفت أثناء تجولي بالسافانا أسدا كان على بعد مائتي متر فركضت بسرعة نحو معداتي واستخرجت سكين المطبخ وما إن وصل الأسد ونط لينتهش رقبتي قفزت وطعنته باتجاه القلب مباشرة فوقع صريعا.
طبعا ستكذبني حتى وإن أرفقت لك أدلة علمية مفصلة عن أن الإنسان قادر فيزيائيا على السفر من المغرب لزيمبابوي بالطائرة ومن تم العودة في ظرف وجيز, كما يمكن للإنسان فيزيائيا وبيولوجيا القفز بارتفاع أزيد من المتر كما يمكن لسكين المطبخ فيزيائيا أن يخترق أضلاع الأسد إن كان مندفعا بقوة وفيزيولوجيا فإن الأسد سيموت بظرف وجيز بعد تلقي طعنة بالقلب.
لكن رغم كل الأدلة العلمية المفصلة لن تصدقني, لأن الأمر مرتبط بحدث وبشخصي أنا وليس بنظرية علمية حول ظاهرة طبيعية وستقول لي أنت جواد معتاد على تأليف التفاهات المثيرة للغثيان والآن أنت تؤلف لنا فيلما بوليوديا ماسخا بعد إفلاسك طمعا في لفت الانتباه!

وهذا ما حدث للأمريكان تماما, بسبب بعض الحيثيات المرافقة لسياساتهم, يكذّبهم الناس حتى وإن صدقوا.
صدقوا أم لم يصدقوا صراحة لا أدري!
على أي

لنروي القصة منذ بداياتها:
باختصار بالموسم الأول من المسلسل دخلت العمة والخالة أمريكا وروسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا) حربا باردة بعد انتحار هتلر, شملت هذه الحرب سباقا محموما نحو غزو الفضاء, إذ أطلقت روسيا أول قمر صناعي بالخمسينات, ثم أول إنسان للفضاء الطيار الروسي يوري غاغارين عام 1961 ولارتفاع حوالي 300 كيلومترا فوق سطح الأرض, وقد عاد عودة الأبطال, ثم بعد عامين أرسل الروس أول امرأة للفضاء فالنتينا تريشكوفا تلاها حدث أول إنسان يخرج من قمرته ليسبح بالفضاء وهو الروسي أليكسي ليونوف عام 1965..
حتى أول حيوان بالفضاء كانت كلبة روسية... ولقد حقق الأمريكان في الستينات إنجازات فضائية أيضا إلا أنها لم تكن خلابة بذلك الوقت كإنجازات الروس لذا كانوا بحاجة لانتصار فضائي خارق للعادة إذ انتشر بين عامة الشعوب أن روسيا هي القوة العظمى الغازية للفضاء, ولم يكن للأمريكان من خيار إلا المضي قدما لإتباث العكس, لذا سأل الرئيس الأمريكي كيندي معاونيه عن وسيلة لهزيمة الروس سواء بإطلاق مختبر بالفضاء أو إرسال رجل يحلق حول القمر أو حتى يحط فوق سطحه, فأعلموا الرئيس أن المسألة قد تكون صعبة جدا أو حتى مستحيلة وأن الميزانية ستكون خيالية كما أن  ذلك لن يتحقق إلا بعد عمل دؤوب لعشر سنوات, فلم يردع هذا كيندي لأنه كان بحاجة ماسة لتحقيق انتصار خارق على الروس, وبعد معارضة شديدة بدأ العمل فعلا على مشروع أبولو ولم يتحقق الصعود للقمر إلا بعهد الرئيس نيكسون لأن كينيدي كان حينها مقبورا تحت التراب.
فبعثت فعلا وكالة ناسا الأمريكية ست رحلات للقمر بين أعوام 1969 و 1972 وعلى بعد أزيد من 300 ألف كيلومتر.لينتصر الأمريكان أخيرا بشكل أبهر العالم.
فبكى الروس... انتهى.

مكالمة نيكسون التاريخية للقمر
بالموسم الثاني من المسلسل مباشرة بعد ذهاب الأمريكان للقمر خرج المكذبون والمشككون من داخل أمريكا ذات نفسها وانتشرت فكرة التكذيب بتأليف بيل كايسينغ كتابا بعد أربع سنوات فقط من انتهاء برنامج أبولو يفنذ فيه مسألة الصعود للقمر, بيعت منه ملايين النسخ وانتشرت نظرية المؤامرة كالنار على الهشيم, حتى هوليود أخرجت فيلما تدور أحداثه حول تلفيق ناسا لكذبة إرسال بشر للمريخ مستوحية الفكرة من كتاب كايسينغ, ثم أنتجت قناة فوكس الأمريكية فيلما وثائقيا يكذب حدث الصعود للقمر, فتوسعت رقعة التكذيب لتشمل بقية دول العالم وباتت أعداد المكذبين والمشككين تزداد عاما بعد آخر.

2- الصعود للقمر قرار سياسي وليس لأغراض علمية:
وضعنا الأحداث بسياقها التاريخي إذن, الصعود للقمر لم يكن مجرد رحلة استكشافية ذات أغراض علمية محضة, بل قرارا سياسيا لتحقيق انتصار على الروس.
ولأن المسألة سياسية ولأن أغلب البشر لا يصدقون السياسيين خصوصا الأمريكان منهم فإن التشكيك لاقى صداه ترحابا لدى الكثيرين, فالسياسة هي فن الممكن وليس بالسياسة أخلاق بل تحقيق للمصالح, فإن كان تلفيق مسألة الصعود للقمر ممكنة وأسهل من الصعود بحد ذاته فإنهم سيعملون على الفبركة بكل بساطة, وأي دولة إن تمكنت من تلفيق انتصار ما ستفعل حتما إن كان هذا يصب في مصلحتها ويعود عليها بالمنفعة, أي دولة "حرفيا".

يعتبر الشعب الأمريكي من بين أكثر الشعوب المؤمنة بنظريات المؤامرة في شتى المجالات, ولهذا التشكيك مبرراته لأن السياسة الأمريكية جد مراوغة ومحتالة وقد افتضح أمر العديد من السياسيين الأمريكان في أكثر من مناسبة في خضم صراعاتهم الداخلية بالتسريبات ونحوه, كما أن طبيعة النظام لديهم يبعث في النفوس الريبة والشعور أن هناك الكثير مما يتم إخفاؤه على المواطنين ويتم خداع الآخرين به لكسب المصالح...وإذا كان الشعب الأمريكي ذات نفسه يشكك عدد كبير منه في عدة مسائل فمن الطبيعي أن ينقلوا هذه المشاعر لبقية سكان العالم بوسائل الإعلام والتواصل التي يهيمنون عليها.

طبعا هذا لا يؤكد ما إن كانت المسألة ملفقة فعلا, هو مجرد تفسير لأسباب التشكيك.
3- هوليود مبهرة:
لقد أبهرت أفلام هوليود على مر الزمن العالم بأفلامها المتقنة ذات التقنيات العالية والميزانيات الخيالية في إنتاج الأعمال السينيمائية, كما وأن هوليود لعبت دورا جد محوري في توجيه الرأي العام حسب أهواء الحكام فهي سلاح بأيد السياسيين بل أن بعض السياسيين ذات أنفسهم خرجوا من رحم هوليود كالرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي لم يكن سوى ممثلا محترفا.
 هذا جعل البعض يطرح تساؤلا حول إمكانية أن تخرج هوليود بقدراتها وتقنياتها العالية وبالتعاون مع وكالة ناسا فيلما محكم الدقة يحاكي الصعود للقمر؟
خصوصا وأن هوليود دأبت على تحسين صورة أمريكا أمام العالم وخلق تصور ذهني حول السوبرمان الأمريكي الخارق الذي ينقذ العالم ويحقق انتصارات للبشرية جمعاء, مثلما هو الحال عند إخراج أفلام الغرض منها التعاطف مع الجيوش الأمريكية بالحروب الفاشلة, كحرب فيتنام وما تلاها من أفلام لأبطال خارقين.

4- عدم تكرار المسألة:
من الأمور التي جعلت رقعة المشككين تتسع وهو عدم تكرار الذهاب للقمر مجددا, وكما أسلفت الذكر بالأعلى فإن الميزانية كانت جد خيالية للصعود للقمر من أجل تحقيق انتصار سياسي على الروس إبان الحرب الباردة, فالقمر ليس سوى كتلة صخرية بلا غلاف جوي, لا يمكن خسارة ميزانية ضخمة جدا مجددا للحط فوقه بهذا الظرف الوجيز, لأن لا فائدة من تكرار ذلك فهناك أولويات أخرى.
مؤامرة عدم الصعود للقمر
ولنضرب مثالا وهو أن وكالة ناسا كانت قد قررت بعث امرأتين للسباحة بالفضاء بمفردهما بدون رفقة رجالية لأول مرة بالتاريخ قبل ثلاثة أشهر من اليوم ولكن بسبب توفر بدلة فضاء واحدة بمقاس صغير ألغيت المسألة, وتم بعث امرأة واحدة فقط.
لو كنا بالستينات لتكلفت الدولة ميزانية ضخمة لتصميم بدلة أخرى صغيرة شفافة لتحقيق انتصار على الروس ببعث أول عارضتي أزياء تسبحان بالفضاء, ولكن لأننا ب2019 فهناك أولويات أهم من تحقيق الألقاب غير المجدية, تصميم بدلة فضاء جد مكلف, يمكن صرفه في أبحاث علمية أو مشاريع مستقبلية, إذ يتم التخطيط لبعث النساء والرجال للمريخ, حسب زعم ترامب والله أدرى وأعلم!

5- إشعاعات حزام فان ألان وعدم تجاوز مدار الأرض:
ليس كل المشككين على مستوى واحد من العلم والاطلاع, فهناك مشككون لا يملكون أي فكرة حول موضوع علوم الفضاء مطلقا في حين يمتلك بعض المشككين خلفيات علمية تؤهلهم للتساؤل حول الموضوع.

إذ ليس فقط عدم تكرار الصعود للقمر ما أثار الريبة في نفوس العباد بل عدم تجاوز البشر لمدار الأرض.
تطوق الكرة الأرضية حزمة من الإشعاعات القادمة من كل أرجاء الفضاء مشكلة حزامات من الجسيمات المشحونة حول الكرة الأرضية على ارتفاع حوالي 1000 كيلومتر وأحيانا في بعض المناطق تنخفض لأقل من 600 كيومترا, وقد أطلق عليها اسم حزام فان ألان حسب اسم مكتشفه, وتعد إشعاعات الحزام قاتلة للخلايا البيولوجية محطمة لحمضها النووي ومدمرة للعديد من الأجهزة الالكترونية, لذا يحلق البشر حول مدار الأرض المنخفض للبقاء بعيدا عن حزام فان ألان الذي يشكل ومازال تحديا أمام العبور الآمن.

فسرت ناسا كيفية عبور الحزام القاتل في رحلات أبولو ونشرت دراسة مفصلة ومتوفرة للعموم حول الكميات الاشعاعية التي تلقاها المكوك, حيث لم يستغرق الأمر إلا بضع دقائق بالنسبة للمكوك وهو يخترق الحزام الإشعاعي أي ما يعادل تلقي أشعة مقطعية بالمستشفيات, وهي كمية ضعيفة جدا وغير قاتلة, إلا أن المشككين ينكرون تماما إمكانية عبور حزام فان آلان بالنسبة للكائن البشري, وأن الإشعاعات جدا قوية وقاتلة وليست بتلك البساطة التي تصورها ناسا.

وبالتأكيد لا أحد من العامة يمكنه مناقشة حزام فان ألان لأنه بعيد المنال.

6- الجهل بعلوم الفضاء:
من أهم أسباب التكذيب الجهل بعلوم الفضاء.
أغلب من يكّذب صعود الأمريكان للقمر من العامة, قلة قليلة جدا من علماء الفضاء حول العالم يشككون في المسألة, ستجد أن الأدلة المبعثرة هنا وهناك على قارعة اليوتيوب تتناول أدلة تم تفسيرها ودحضها بتفصيل.
وأكثر الكتب مبيعا حول نظرية المؤامرة ليست لعلماء, كما أن أكبر قنوات اليوتيوب الأجنبية التي تناولت المسألة وحظيت بملايين المشاهدات هي لشباب لم يكملوا تعليمهم بعد الثانوية مطلقا فبالأحرى تناول مسألة معقدة كعلوم الفضاء.
حتى العلماء الذين يشككون بالمسألة بينهم وبين أنفسهم "افتراضا" لا يملكون الشجاعة العلمية للإنتقاد لأنهم على دراية بتعقيد المسائل, ولا يمكنهم الاعتماد على مشاعرهم وتعريض أنفسهم للسخرية والانتقاد اللاذع بوسطهم العلمي, عكس غير العالم الذي لا يملك ما يخسره.
شخصيا شاهدت فيديو لشخص يناقش الأصوات بفيديو رحلة أبولو على سطح القمر وكيف أنه يستحيل سماع صوت الطرق بوسط فارغ لا يوجد به هواء ينقل الصوت وقد أقنعني كلامه, وبعد أن بحثت عن الموضوع وجدت ردا من مهندس صوت يفسر أن الصوت ينتقل ليس فقط عبر الهواء ويمكن سماع الطرق عبر الميكروفون الذي يتبثه رائد الفضاء لأنه يحمل المطرقة بيده, وقد أقنعني كلام مهندس الصوت, لأنه بكل بساطة ليس لدي خلفيات علمية حول الموضوع ولست بمهندس صوت أو صورة وبالتالي أي تكذيب أو تفنيذ قد يسهل إقناعي به, أي أن جهلي بعلوم الفضاء يجعلني أصنف نفسي مع الذين كانوا لا يعلمون, ولا أدري ما إذا كانوا قد صعدوا أم لا.
لا أستطيع الجزم.
ولنكن صرحاء حتى لو افترضنا جدلا أن ناسا لفقت القضية هم ليسوا بهذا الغباء الذي يجعلهم يهملون مسائل مهمة, لابد وأن يكون كل شيء محكم الدقة لأنه تطلب سنوات عديدة قبل إخراجه للناس, المسألة ليست بهذه السذاجة.

7- نظرية الأرض مسطحة:
سبب آخر يجعل الناس تنكر تماما الصعود للقمر وهو انتشار موضة الأرض المسطحة, وهي نظرية ظهرت قبل سنوات عديدة من طرف مجموعة من الفلكيين والفيزيائيين الأمريكان أصحاب الخلفيات الدينية (يهود, مسيحيين) والذين كان هدفهم التوفيق بين الكتب المقدسة والعلم, فرؤوا أن كتبهم المقدسة تنكر كروية الأرض, وأننا محور الكون.
توسعت النظرية مع ثورة مواقع التواصل الاجتماعي, وتبناها أناس كثر بدون أي خلفيات دينية وعلمية على الأرجح, دافعهم هو الإثارة والغموض والتميز بين الآخرين بالإيمان بما يخالف معتقدات المجتمع.
وفي استقصاءات الرأي يصرح عدد كبير من الأمريكان بأنهم يؤمنون أن الأرض مسطحة, وفي هذا إشارة إلى فقدان الثقة التام بحكومة بلادهم وروايات الوكالات التابعة لها, (عدد كبير من الأمريكان يكنون الكره لناسا).
ومن أمريكا انتشرت نظرية الأرض المسطحة طبعا إلى كافة بلدان العالم, حتى وإن كانت النظرية ظهرت بدول أخرى (لاأدري) ولكن الجديد يصلنا دائما من أمريكا بسبب الهيمنة على وسائل الاتصال والاعلام.
شخصيا أرى نظرية الأرض المسطحة ما هي إلا ردة فعل من طرف بعض أفراد المجتمع ضد أكاذيب السياسيين, لقد صار الناس يعيشون في شكوك وريبة طول الوقت من السياسات بسبب الغموض الذي يلف كل القضايا حول العالم حتى صاروا يشككون في البديهيات ككروية الأرض, وهذا يعد مستوى أعلى من التشكيك بناسا تجاوز مجرد التشكيك بالصعود للقمر.

8- نظريات المؤامرة ممتعة:
من بين الأسباب التي تدفع الناس للإقبال على نظريات المؤامرة عموما هو كونها ممتعة ومثيرة, فالإنسان بطبيعته يحب الأشياء الخارجة عن المألوف والغامضة التي تدفعه للتحري والتقصي, فلو كنت تسير بالشارع ورأيت طفلا رفقة أمه يبكي فإنك على الأرجح لن تهتم لأن الأطفال يبكون طول الوقت وهذا أمر مألوف, لكن لو رأيت رجلا رفقة أمه يبكي بالشارع فإنك قد تهتم وتتساءل بفضول عن الأسباب التي دفعته للبكاء, لأنه ليس بالأمر المألوف.
صعود الأمريكان للقمر هو الأمر المألوف والرواية الرسمية التي يسوقها الكل حول العالم, وبالتالي الحديث عن أنه كذبة أمر مثير وغامض ويحب الناس البحث فيه وحتى تصديقه.
شخصيا لو سألتني هل تريد أن تكون المسألة حقيقة أم كذبة سأخبرك أنه لو تم الاعتراف بأنها كذبة فهذا سيكون ممتعا أكثر بالنسبة لي, تصور أن الرئيس الأمريكي يخرج بخطاب يعتذر فيه للعالم مثلا, أو تسريب من ناسا يقيني بأن كل شيء كان ملفقا, أو اعترافا من أحد رواد الفضاء الأحياء أنه لم يصعد مطلقا للقمر, سأتابع الأخبار طول الوقت بكل تأكيد.
نحن نحب الفضائح أكثر لأنها لا تحدث دائما ولأنها خارجة عن المألوف, إنها الحقيقة! مرة كانت أم حلوة لا يهم.

خلاصة:
إذن خلاصة القول أن الناس يكذبون الصعود للقمر بسبب ارتباطه تحديدا بأمريكا ذات الباع الطويل في الكذب والتلفيق السياسي, وبسبب توفرها على هوليود.
وهذا أدى بالناس للبحث عن أدلة الإدانة لسياسيي أمريكا وما التفصيل في "الأدلة العلمية" إن جاز لنا تسميتها كذلك ما هي إلا نتيجة للتكذيب وليست الأصل في التشكيك.
تماما مثلما ستكذبني عندما أخبرك أنني ذهبت للسافانا, حتى وإن كنت فعلا قد ذهبت أليس كذلك؟

تعليقات


  1. أعتذر للصديقين العزيزين على حذف التعليقين.

    ردحذف
  2. طبعا الصبح افتقدت المدونة 👀

    وأنصدمت بالإشعار :)

    ردحذف
  3. نحتاج مواضيع جديده مدونتك جميله جداً ! دائماً ما اقرأ هذه المواضيع الشيقه تقريباً منذ سنتين وأنا اقرأها

    ردحذف