ما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟ هل الاكتئاب مرض؟ (الجزء الثاني)

كنا قد رأينا بالجزء الأول كيف تعمل بعض من أجزاء الدماغ التي تتعلق بالعواطف والمزاج, والآن سنرى الفرق بين الحزن والاكتئاب ولماذا يعتبر الاكتئاب اضطرابا بحاجة للعلاج وليس حزنا, وقد لا يبدو لك كلامي مقنعا إن كنتَ غير محيط بتفاصيل هذا المرض, لذا امنحني فرصة لتغيير وجهة نظرك.

لماذا يعتقد البعض أن الاكتئاب ليس بمرض؟

لا يمكن لوم أحد من العامة فأنا أيضا كنت أعتقد بالماضي أنه يمكن التغلب على الاكتئاب بالابتهاج وتغيير العادات, إن كان هناك من يمكن لومه فهو المجتمع العلمي الذي اختار لهذا المرض مصطلح "اكتئاب" لأن اكتئاب أو Depression لفظة تستخدم باللغة بشكل يومي وعامي منذ الأزل كمرادف للفظة "حزن" و"إحباط".


كانت مفاهيم عدة ستتغير لو تم تغيير المصطلح من اكتئاب لمصطلح آخر مثل "خمول عصبي" "اعتلال الدماغ الكيميائي",  أو أي مصطلح مركب... فلو أخبرك شخص ما بأنه مصاب بمرض اسمه اعتلال كمياء الدماغ, فإنك ستدعو له الله أن يشفيه, لكن لو أخبرك بأنه مريض بالحزن فإنك على الأرجح ستطلب منه أن يبتهج فكلنا نحزن ونُحبَط أليس كذلك؟

قال أنه مريض بالحزن؟ يا للسخف!! 

مريض بانكماش الدماغ؟ يا للهول!!


لماذا يعتبر الاكتئاب مرضا؟

لا أحد يعلم تحديدا كيف يحدث الاكتئاب ولا أي اضطراب عقلي آخر, كون الجهاز العصبي جد معقد مقارنة ببقية أجهزة الجسم ولازال يخفي الكثير من الألغاز, والعلم غير متطور بالشكل الكافي لدراسة آلية الإمراض. لكن مؤشرات عدة تكشف أن الاكتئاب يحدث إثر خلل بالدماغ, سنسرد اليسير باختصار.

الأعراض:

أولا الأعراض تعتبر أهم مؤشر على وجود خلل بعمل الدماغ تتعدد وتختلف من شخص لآخر فالاكتئاب أنواع عدة:

- اضطرابات النوم:
أهم ما يميز مرضى الاكتئاب هو اضطرابات النوم, فإما أن الشخص ينام ساعات عدة تفوق الطبيعي, أو أنه يعاني من الأرق والتقلب في السرير, وفي كلتا الحالتين لا يشعر المريض أنه قد أخذ قسطا جيدا من النوم سواء نام طول اليوم أو بعضه.

- اضطرابات الشهية:
من أعراض الاكتئاب أيضا إما الشهية المفرطة وتناول الطعام فوق الحاجة أو فقدان الشهية, لذا تجد بعض مرضى الاكتئاب قد زاد وزنهم أو العكس.

- ضعف الذاكرة والتركيز:
يبدأ الشخص بالنسيان والتصرف ككبار السن, يبحث عن نظاراته في الخزانة بينما هي فوق رأسه, يضع هاتفه فوق طاولة المقهى وينصرف دونه, محاولة المراجعة للامتحان تكاد تكون مستحيلة, العمل بالمكتب مرهق ذهنيا, حتى عند المحادثات قد لا يستطيع إيجاد الكلمات المناسبة...افتح ذاك ال...ذاك.. ال مممم ما اسمه؟ آه بلى الدرج! افتح الدرج!

- صعوبة اتخاذ القرارات: اتخاذ أتفه قرار يشكل تحديا للمريض, يعاني المريض من تردد جد مزعج, تستغرق منه الأعمال الروتينية تفكيرا وترددا قبل اتخاذ القرار حولها, لا يدري هل يفتح كتابا أم يشاهد فيلما, يذهب للسوق صباحا أم بعد الظهيرة, هل يستحم قبل الذهاب أم بعد العودة...وهكذا يجد نفسه يعيش في دوامة التردد.

- تعب ونفاذ الطاقة وآلام: يشعر المريض بالتعب طول اليوم وأن طاقته نفذت وكأنه عمل نصف قرن, شعور بالكسل وعدم القدرة على القيام بأي نشاط مهما كان بسيطا, فحتى الاستحمام مهمة صعبة, أما تحضير الطعام فمهمة مستحيلة...قد يشعر بآلام في أنحاء جسده.

- بطء الحركة والكلام والتفكير: قد يعاني المريض من بطء بالحركة يمكن ملاحظته, فهو يسير ببطء ويحرك يديه ببطء, يتحدث ببطء ويجد صعوبة في تجميع أفكاره, يجد صعوبة في لعب لعبة تتطلب رد الفعل السريع, إن حاولت لكمه قد لا يزيح وجهه بسرعة, وإن انزلق الكوب من يده لا تكون له رد فعل سريع لالتقاطه, وفي الحالات الشديدة يبقى المريض طريح الفراش.

- قلق ونفاذ صبر وتهيج:
قد يعاني من القلق فيصف المريض حالته على أن قلبه منقبض وغير مرتاح ويشعر بالانزعاج في حين لا يوجد ما يزعجه, ويصير نافذ الصبر وعصبيا وقد تثور ثائرته من أشياء تافهة...

- عدم الاستمتاع (انهيدونيا): لا يستمتع المريض بما يفترض أن يكون ممتعا, كان يمارس الرياضة بلا انقطاع الآن هو جالس بالبيت طول اليوم, لا رغبة له في معاشرة زوجته, كان له شغف قراءة الكتب الآن فتح كتاب صار مؤلما, مشاهدة الأفلام كمشاهدة الأخبار, ملاقاة الأهل والأصدقاء مجرد عقاب.

- التفكير التشاؤمي العدمي والحزن: يركز المريض تفكيره نحو ذاته بدل العالم الخارجي. يعلق بالماضي ويغلب على حديثه مناقشة ماضيه وأخطائه واللحظات التي فشل فيها, ويكثر من لوم نفسه وترديد أنه بلا قيمة. تلاحقه مشاعر الذنب, ويَتبدّى له أن كل شيء بهذه الحياة كئيب وبلا معنى ولا غاية من وجوده, قد يقضي الليالي يبكي بغرفته.

- الأفكار الانتحارية:
ليست مجرد نتيجة أو قرار بل هي فعلا عرض من أعراض الاكتئاب, تراود المريض أفكار لصيقة بإنهاء الحياة لا تكاد تبرحه, وقد ينفذها فعلا فإما ينجو وإما لا ينجو.

لا يعاني المريض من كل هذه الأعراض مجتمعة, بعض منها يكفي للتشخيص, كما أن شدتها تختلف من شخص لآخر, هناك من تشتد به الحال ليصير طريح الفراش يتوهم أشياء غير موجودة وهناك من يمارس حياته بشكل طبيعي.

خلل بالنواقل العصبية:


رأينا بالجزء الأول وظائف بعض النواقل العصبية, وهي مواد كيميائية بالدماغ لها مهام مختلفة وجد مهمة, وهي لدى مرضى الاكتئاب منخفضة والعلم عاجز عن كشف الأسباب, بل لا أحد متأكد ما إذا كان الاكتئاب يسبب نقصا بالنواقل أم أن النقص يسبب الاكتئاب. يتواصل الدماغ عن طريق هذه النواقل ونقصها يجعله عاجزا لا يدري ما عليه فعله لأن لا رسائل وإشارات تصله, هناك فرضية كون النواقل موجودة ولكن مستقبلاتها تعاني الانخفاض, فتفرز النواقل بالخلايا العصبية ولكن لا تجد ما يستقبلها فتعود في حال سبيلها.

- النورأدرينالين: نظرًا لكونه مسؤولا عن تنظيم استجابة "القتال أو الفرار" فإن المستويات المنخفضة من هذا الناقل العصبي يمكن أن تسبب القلق وارتفاع ضغط الدم, ومتلازمة تململ الساقين حيث يشعر المصاب برغبة ملحة في تحريك ساقيه خصوصا ليلا, قد يسبب آلاما جسدية وصداعا نصفيا (الشقيقة) والشعور بالتعب وصعوبة في التركيز, ومشاكل أخرى عديدة...

- الدوبامين: مهم للتحفيز, نقصه يؤدي للتقوقع حول الذات, ضعف الاستمتاع بالملذات (الانهيدونيا) والمكوث بالبيت بلا أي محفز لفعل أي شيء ولا لملاقاة الناس, إذ أن المستويات المنخفضة من الدوبامين مسؤولة عن ضعف التفاعل مع الأفراد, نقصه مسؤول أيضا عن العصبية الزائدة والثوران لأتفه الأسباب لأنه مهم في السيطرة على الغضب, ويرتبط أيضا نقصه بالهلاوس والاضطرابات الذهانية كالفصام...

- السيروتونين:
عندما تكون مستويات السيروتونين لدينا منخفضة سنشعر بالفراغ والقلق, التعاسة والإحباط وانعدام القيمة، قد نشهد أيضًا الشعور بالغضب, صعوبة في النوم أو النوم المفرط، اضطرابات بالشهية إما شعور بعدم الشبع أو الشعور بانعدام الشهية, ضعف الشعور بالراحة, وأيضا عدم الاستمتاع بالملذات (انهدونيا)... ويرتبط نقص السيروتونين بقوة بالأفكار الانتحارية.


انكماش أجزاء الدماغ:

يكون نشاط الدماغ بشكل عام لدى مرضى الاكتئاب خافتا, رُصد عند بعض مرضى الاكتئاب المزمن الذين قضوا سنوات دون تلقي العلاج انكماشا ببعض أجزائه المهمة, لا أحد يعلم الأسباب على وجه التحديد, وإن كنت عزيزي القارئ معنيا فلا تقلق لأن الدماغ يعود لحاله الطبيعي بعد تلقي العلاج.

كما سبق ورأينا بالجزء الأول فإن اللوزة مسؤولة عن الاستجابة للمنبهات والتهديدات بتحفيز عواطف الخوف والقلق والغضب ... بعض الدراسات التي اعتمدت على التصوير المقطعي للدماغ أظهرت نشاطا زائدا للوزة عند المكتئبين, كما أنها تستجيب بشكل مفرط للأحداث السلبية, فيكون المكتئب أكثر عرضة للتوتر والقلق من مختلف المواقف البسيطة.

أيضا علمنا أن اللوزة تتصل بمجموعة من أجزاء الدماغ التي تتدخل في الاستجابة الفسيولوجية والسلوكية للمنبهات العاطفية. كالحصين الذي يشارك في تكوين الذاكرة بمساعدة اللوزة, تعرضه للتوتر المستمر قد يؤدي لضموره, هذا الانكماش بالحصين يسبب استجابات غير ملائمة للمنبهات العاطفية, فترى المكتئب يغضب من أمور عادية أو يبكي من موقف تافه أو يشعر بخوف لا يدري مصدره...

مثلا: شخص يقطن قرب المطار وضجيج الطائرات يمر كل حين فوق رأسه اعتاد عليه ولم يعد ينتبه له بفضل الحصين الذي يسترجع ذاكرة الصوت وكلما تنبهت اللوزة من صوت الضجيج أخبره الحصين أنه لطائرة فتتوقف استجابة الفزع, إذا انكمش الحصين ولم يعد يعمل جيدا فكلما مرت الطائرة فوق رأسه سيشعر بالانزعاج, لأن اللوزة تتحفز والحصين الذي يخبره أنه صوت طائرة عليل منكمش لا يقوم بعمله بالفعالية المطلوبة.

أيضا انكماش الحصين سيصعب عملية تحويل الذاكرة قصيرة المدى لذاكرة طويلة المدى, هذا الشخص صاحب الحصين العليل إن كان سيفتح كتابا للمراجعة للامتحان فإنه لن يحفظ الصفحة الأولى إلا بشق الأنفس.


بالإضافة للحصين فإن قشرة الفص الجبهي التي تتحكم بالعواطف كما رأينا بالجزء الأول تبدأ بالانكماش هي الأخرى بسبب التعرض للتوتر المستمر من نشاط اللوزة الزائد, قشرة الفص الجبهي جدا مهمة فهي التي تميزنا كبشر عن بقية الكائنات. توجد هناك شخصياتنا وقيمنا وذكرياتنا طويلة المدى وأهدافنا وحوافزنا ومركز قراراتنا, عند الانكماش يتأثر كل شيء في الإنسان فهو لا يتخذ القرارات بسهولة ويتخذ القرارات الخاطئة, يصعب عليه التحكم بالعواطف فيثور غضبا من أتفه الأسباب لأن الفص الجبهي الذي يكبحه ويخبره أن الأمر لا يستحق مريض معلول, الذكريات يتم استحضارها بعواطف مشوهة, التفكير يتحول عدميا, الأهداف الطموحة تختفي, الاستمتاع بالحياة يضعف والعديد من المشاكل الأخرى التي قرأتها بالأعراض...

عند بعض مرضى الاكتئاب صغار السن وُجد أن اللوزة ذاتها منكمشة وأصغر حجما مقارنة باالأصحاء.

التهاب الدماغ:

تظهر بعض الملاحظات أن عددا من المرضى بالاكتئاب المزمن الذي استمر مدة طويلة من الزمن دون تلقي علاج تواجد المؤشرات الحيوية الالتهابية, إلا أن الباحثين مازالوا غير متأكدين ومتضاربين في الآراء فيما إذا كان الاكتئاب مرضا يسبب الالتهاب بعد مرور السنين أم أن الالتهاب هو المسبب لأعراض الاكتئاب, إذ أن احتمال كون الاكتئاب مرضا من أمراض المناعة الذاتية يبقى واردا, فما معنى ذلك؟

المناعة بالجسم هي لمهاجمة البكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية, إلا أنها أحيانا تصاب بالخلل فتبدأ بمهاجمة خلايا الجسم السليمة كما يحدث لدى مرضى السكري النوع الأول إذ تهاجم المناعة الخلايا الخاصة بإفراز الأنسولين, أو كإلتهاب المفاصل الروماتويدي الذي يحدث إثر مهاجمة المناعة لمفاصل الجسم...إذن على هذا الأساس توجد فرضيات أن المناعة تستهدف ربما نوعا من الخلايا العصبية بالدماغ, وتلفها يُحدث أعراض الاكتئاب.

هل التعرض للمشاكل والقلق يسبب الاكتئاب؟

نعم! كما علمنا فإن نشاط اللوزة يكون زائدا عند مرضى الاكتئاب بلا سبب, ماذا لو ارتفع بسبب بشكل مستمر, كعيش حياة تعيسة بائسة ومواجهة مسببات قلق كل يوم ومدة طويلة من الزمن؟ بالتأكيد فإن الدماغ سيتأثر بهرمونات القلق التي لا تتوقف عن الإفراز.

ولكن هذا يبقى مجرد جزء من الحقيقة, فكلنا نتعرض للمشاكل والكوارث والقلق, في حين لا يمرض الجميع بالاكتئاب.

حسن! عدد كبير يعاني من الوزن الزائد لكن لا يصاب الجميع بالسكري, الجميع أيضا لا يصاب بارتفاع ضغط الدم, ورغم أن العديد من البشر يدخنون السجائر إلا أنهم لا يصابون جميعا بأمراض القلب والشرايين.

السبب يكمن في وجود عوامل أخرى تتدخل في الإصابة بالمرض من عدمه, أهمها الجينات ثم عوامل أخرى مشوشة لا أحد متأكد منها.

علاج الاكتئاب:

لا يمكن علاج الاكتئاب دون تناول الأدوية, والمقصود بالاكتئاب هنا هو ما سردت لك أعراضه بالأعلى, وليس حالات الحزن والاحباط أو انخفاض المزاج الطفيفة ... يتم تشخيص الاكتئاب بصعوبة بعد جلسة مطولة أحيانا يتطلب الأمر جلسات عدة من طرف الطبيب المختص, هناك عدة اضطرابات نفسية لها أعراض اكتئابية كثنائي القطب, قد يجري الطبيب أيضا بعض التحاليل لاستبعاد الاضطرابات الجسدية المسببة لأعراض الاكتئاب كمشاكل الغدة الدرقية.

 تختلف أنواع الأدوية الخاصة بالاكتئاب لكنها جميعا تستهدف الناقلات العصبية. عند تحسن سلوك الناقل العصبي تبدأ الأعراض بالاختفاء تدريجيا بعد مرور بضعة أسابيع من تناول الدواء, وفي العادة يتحسن نوم المريض بعد تناول الدواء بفترة قصيرة, ولكنه يبقى يشكو من مشاعر التعاسة مدة طويلة من الزمن.

أمثلة لأنواع الأدوية:

أصناف العقارات المستخدمة جدا موسعة ويعتمد الطبيب المختص على عدة اعتبارات لعلاج أعراض الاكتئاب كحدته وما إذا كان مزمنا ونوع الأعراض المرافقة له...

من أنواع العقارات يوجد: مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية, ومثبطات استرداد السيروتونين والنورأدرينالين الانتقائية.
فبسبب انخفاض الناقلات العصبية مجهول السبب فإن ما تفعله هذه الأدوية هو منع عودة الناقل العصبي من حيث جاء وذلك بإغلاق باب العودة فيبقى الناقل العصبي مدة أطول بالسينابس, هذه الأدوية تدفع الناقل لإكمال مساره باتجاه كل أجزاء الدماغ وعدم التوقف.
لا يكون تناول الأدوية طويلا في حالات الاكتئاب بل يلجأ الطبيب بعد تحسن الحالة لتخفيف الجرعات الدوائية شيئا فشيئا. قد يشعر المريض أحيانا وكأنه انتكس مجددا, هي بل مجرد أعراض انسحابية سرعان ما تزول هي الأخرى.

خطورة الانقطاع عن الدواء:
للأسف الشديد يلجأ بعض المرضى للتوقف المفاجئ عن تناول الأدوية من تلقاء أنفسهم, إما بسبب أعراض الدواء الجانبية المزعجة أو بسبب الشعور بالتحسن أو بسبب إبداعات الفلاسفة المحيطين بهم...وهذا أمر بمنتهى الخطورة قد يؤدي لتفاقم الحالة أكثر فأكثر وتصير الأعراض أسوء مما كانت عليه قبل تناول الدواء, التوقف عن تناول الدواء يحتاج مراقبة طبية صارمة وتخفيف للجرعات شيئا فشيئا إلى أن يتعوّد الجسم زواله.
أنت قبل ممارسة الرياضة ستحتاج لتسخينات بسيطة, لن تقفز مباشرة من سريرك بحركة لولبية لأن هذا سيمزق عضلاتك بكل تأكيد...

العلاج بالصعقات الكهربائية:
يتم اللجوء للصعقات الكهربائية في حالات الاكتئاب الخطيرة, كالحالات التي حاولت الانتحار, أو أولائك الذين صاروا طريحي الفراش دون أي استجابة للأدوية.

كما علمنا بالجزء الأول فإن إشارة كهربائية تمر على طول جسم الخلية العصبية تنتهي بإفراز الناقلات العصبية, إذن الصعقات الكهربائية هي محاولة إجبار الخلايا على إفراز الناقلات العصبية.
الصعقات الكهربائية لا تتم بالشكل الفانتازي الذي تبثه أفلام الدراما, بل تتم بالمستشفى تحت التخدير وتكون الصعقات خفيفة جدا ومركزة الأهداف, فالغرض بالطبع هو إفراز الناقلات وليس قلي مخ المريض.

العلاج السلوكي الادراكي:
هو وسيلة مرافقة للعلاج الدوائي, يمكن للمريض الذي يتناول الأدوية اللجوء لمعالج سلوكي, وحضور جلسات لفهم طبيعة ما يعاني منه وكيفية التعامل معه, فعندما يفهم المريض بالتفاصيل حقيقة معاناته وأصل المشكل سيستطيع إدارة أعراضه, وتحسين جودة حياته.


أخيرا أرجو أن تكون الأفكار واضحة وأتمنى لك الصحة والعافية.

تعليقات

  1. شكراً على هذا الشرح الواضح يا أخ جواد، والأكتئاب المرضي موضوع مهم جداً وبدأ يكثر في هذا العصر ومن المهم جداً التفريق بينه وبين الحزن كما أسلفت وفصلت
    نريدك أن تتكلم عن اﻵثار الجانبية لأدوية الاكتئاب، لأني لا أظن أن العلاج بهذه السهولة بتانول اﻷدوية مما رأيته من حولي ممن يعانون من هذا المرض، أو ربما عدم انتظامهم في الدواء هو من جعل حالتهم ما تزال سيئة
    مشكلة أخرى هو كيف نقنع المريض بأنه يحتاج علاج ويذهب للطبيب، وهل العلاج مبكراً عندما تبدأ اﻷعراض اﻷولى في الصغر مثلاً يمنع تطور المرض؟
    وشكراً

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك أخ أبو إياس.
      نعم للأدوية آثار جانبية ولكن الإنسان لا يتناولها إلا لأسابيع أو أشهر حسب الحالة. سأحاول التحدث عن أنواع الأدوية بشكل مفصل بإذن الله.
      تسعون بالمائة ممن يتناولون الأدوية بانتظام تتحسن حالتهم, لكن تبقى نسبة مهمة تعاني من اكتئاب لا يستجيب للأدوية ويستمر المرض معها لسنوات, بعض الاضطرابات كثنائي القطب يكون المريض يعاني من نوبات اكتئاب تباغته بين فترة وأخرى وهو مرض مزمن أيضا يرافق الانسان طول حياته ويكون بحاجة لأدوية ومتبثات مزاج بشكل شبه دائم, وهي تختلف عن أدوية اضطراب الاكتئاب.
      نعم الموضوع ليس بهذه البساطة لنسبة كبيرة من المرضى, ولكن لكل داء دواء وعلى المريض عدم التخلي عن طلب العلاج.
      بشأن إقناع المريض فإن هذه مشكلة عويصة أيضا لأن عددا من الناس بمجتمعاتنا يربط الذهاب للطبيب بالجنون, أو لا يؤمن أن الأدوية تعالج أو يخاف منها ويعتقد أنها تسبب الادمان, أو يكون بحالة مزاجية سيئة ويأس لدرجة غير قادر فيها على مناقشة مسألة العلاج, ربما تجدي نفعا محاولات تثقيفه بما يعاني منه وتفسير أعراضه له علميا وأن تجريب الأدوية لا يضر تحت إشراف الطبيب.
      بشأن ظهور الأعراض بمراحل مبكرة فنعم أي مرض يتم الكشف عنه مبكرا فهذا في صالح المريض, لأن الأذى الذي يسببه المرض للدماغ مع مرور السنوات سيتطلب سنوات أخرى قبل أن يتحسن وأحيانا رغم التحسن تبقى بعض الأعراض لا تزول كصعوبة اتخاذ القرارات أو التفكير التشاؤمي.

      حذف
  2. شكرا لك على هذا الطرح

    ردحذف
    الردود
    1. العفو صديقي, شكرا على تواجدك

      حذف
  3. أقدر حقا مجهوداتك في تقديم المعلومة بطريقة مفيدة و إستثنائية تجعل الشخص لا يمل من إكمال المقالة، واصل!

    عموما, عانيت من حالة شبيهة بالإكتئاب منذ سنة تقريبا, أخدت بعض الأدوية، منهم مضادات الإكتئاب و شيء متعلق بال paranoia (لكن بنسب قليلة جدا، وتحت إشراف طبي بالطبع)
    لكن الغريب هو أن الإكتئاب عموما كما شرحت هنا يعتبر إنخفاض حاد في المزاج تدريجيا تحت الضغوط غالبا و تحت عوامل أخرى غريبة...
    لكن ما حدث لي هو إنخافاض حاد و فجائي للمزاج داخل قاعة الإمتحان، و أفكار إنتحارية شديدة.
    قبل ذلك الوقت كنت أستطيع أن أضحك و كل شيء، فقط كنت متوترا نوعا ما.
    أما بعد ذلك الإنهيار أصبحت أخاف من العالم الخارجي بطريقة مبالغ فيها (و مع ذلك كتت أستطيع أن أضحك و أفرح قليلا).
    حاولت البحث أكثر عن التفسير، لم أجد تفسيرا دقيقا لحد الآن.

    الطبيبة المختصة قالت أن حالتي خليط بين أمور عديدة و بنسب قليلة.

    في الحقيقة، تمنيت أن يكون هناك معايير أكثر دقة عند العيادات الطبية في هذا المجال، لست مختصا بالطبع، لكنني أتسائل لما لا يوجد آلات لقياس النشاط العصبي قبل إعطاء أدوية خاص بتلك الأمراض؟

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك!
      شكرا على إطرائك, وشافاك الله وعافاك من أي سوء.
      الانهيار العصبي مجرد مصطلح يطلق على أي حالة نفسية شديدة الأعراض وفجائية يمر بها الإنسان وليست تشخيصا بحد ذاتها. مثل كوب الماء الممتلئ الذي فاض بنقطة واحدة
      الطبيبة تعلم تشخيص حالتك الصحية بما أنها أخبرتك أنك تعاني من خليط بنسب قليلة, أنت كنت تعاني من مشاكل نفسية بشكل بسيط عجّل ضغط الامتحان من انفجارها, فانتابتك نوبة قلق بالقاعة...هذا يحدث أحيانا لمرضى ثنائي القطب أيضا.
      معك حق في أنه لا وجود لآلات لفحص دماغ المريض قبل منحه الأدوية لأن العلم لم يتطور لتلك الدرجة, فلا أحد يعلم كيف تعمل كثير من الأدوية ولماذا تُحسّن من الأعراض, لقد أبانت عن نجاعتها ولكن لا أحد يدري لماذا تحديدا, الأجهزة لا يمكنها إخبارنا بالكثير, لأنها جميعا ستخبرنا عن انخفاض بالنشاط العصبي وأحيانا فرط النشاط ولكن لا يمكن ربط ذلك بالدواء الصالح للمريض. فمثلا قد يلجأ مريض ويشير التصوير المقطعي لنشاط طبيعي بدماغه لكنه يعاني من أعراض الاكتئاب ويريد علاجا, المشاكل النفسية تتواجد على مستوى الخلايا العصبية الدقيقة جدا فكل خلية مرتبطة بخلية أخرى تحمل معلومات عصبية خزناها فيها, لا يوجد جهاز بتلك الدقة الذي يستطيع فيها تحليل المعلومات على مستوى الخلايا العصبية, هو سيعطيك مجرد صورة عامة للدماغ ككل ونشاطه, طرح الأسئلة على المريض أكثر نجاعة من تلك الأجهزة التي لا تصلح إلا للدراسات العلمية أواكتشاف الأورام والجلطات... لا يوجد جهاز يمكنه قياس الهلاوس ومدة حدتها وما إذا كانت قديمة مزمنة. ربما مستقبلا بعد تطور العلم سيصير من الممكن فهم عمل الدماغ جيدا وتشخيص الحالات وأسبابها وصنع أدوية تستهدف معالجة المشكل بدقة...نرجو ذلك.

      حذف
  4. جزاك الله خيرا يا صديقي جواد عل الإظافات.
    همم لم أكن أعلم أن هناك أجزاء كثيرة في علم الأعصاب مبهمة، حتى الأجهزة لا تقيس بالضبط تلك المشاكل...

    أنا أيضا كنت أظن أن الإكتئاب سببه ضعف الإيمان، لدي صديق يعاني منذ سنتين و نصف تقريبا من أعراض إكتئاب، لديه وصفة طبية، و لكن بدون نفع كبير لحد الآن.

    لم أفهم سبب غرابة تصرفاته، كنت أنصحه بالعياذ بالله و تلك الأمور، بل أنني كنت أحاول إرعابه (بطريقة مثيرة للسخرية) أن الشياطين سيسكنونه بسبب ضعف إيمانه هذا ههههههه. (لو إستطعت السفر عبر الزمن لذلك الوقت، لصفعت نفسي عشرات المرات 😂)
    لأنني الآن فهمت أن الأمر لا علاقة له بضعف للإيمان بالذات، ففي حالة الإنهيار العصبي التي مررت بها، فهمت أن الأمر ليس متعلقا بضعف الإيمان (على الأقل في حالتي) أن الجهاز العصبي عندما "ييأس" لا يميز حينها بين المعتقدات...
    ملحوظة: لا أستطيع أن أكتب إسمي هنا، لا أعرف لماذا.

    ردحذف
    الردود
    1. ملحوظة: أنا صاحب التعليق فوق، لكن بإيمايل أخر.

      حذف
    2. نعم لا يمكنك كتابة اسم إلا في مكان خفي, غوغل يفضل أن تسجل ببلوجر كي تكتب اسما على ما أظن.
      أتمنى لك وصديقك الصحة والعافية, نعم أنا أيضا لي صديق مكتئب حاله لم تعد تعجب عدوا..الله يشفي الجميع

      حذف
  5. شكرا على هاذا الشرح

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك!
      وأنا أشكرك على مرورك هنا.

      حذف