نظرية فرويد الجنسية

كنا قد تحدثتنا في موضوع سابق عن تقسيم فرويد لمكونات النفس البشرية.
اقرأ عن الأنا والأنا الأعلى والهو
الآن سنتحدث عن الجزء الذي يفسر حسب فرويد كل شيء.
إنها نظرية مراحل النمو الجنسي النفسي للإنسان, والتي من خلالها يعتقد فرويد أنها أصل المشاكل النفسية قاطبة.
ولابد من التأكيد هنا كالعادة أن هذه النظرية هي نظرة فرويد الشخصية للأمور وليست نظرية علمية جاري بها العمل, لأنها صارت متجاوزة حاليا.
وأيا كان الأمر فإن الإطلاع على نظرية فرويد جد ضروري لأنها جزء مهم من تاريخ علم النفس المعاصر.

ربما لعب المجتمع الذي كان يعاصره فرويد دورا كبيرا في تطويره للنظرية, إذ لا ننسى أن فرويد عاصر القرن التاسع عشر حيث كان الجنس يمثل "طابو" لا يمكن الحديث عنه بتلك السهولة, خصوصا في المجتمع اليهودي المحافظ الذي كان ينتمي له فرويد مما يفسر ظهور مرضى كثر بعقد ذات أصل جنسي عاينهم فرويد.

إن مفهوم الجنس عند فرويد جد موسع ولا يقتصر على العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة, إذ يعتبر أن النشوة التي يقدمها لنا الجلد كالدغدغة مثلا يدخل في إطار "الجنس".

قام فرويد بملاحظة نمو الأطفال وتطور نشأتهم وسلوكهم, وقد اعتمد على مراسلاته مع والد الطفل "هانز" الذي كان يرتعب من الأحصنة نتيجة شهوده حادث انقلاب عربة يجرها حصان, إلا أن فرويد فسر رعب الطفل في كتابه أنه ناتج عن رؤيته لقضيب الحصان الضخم.

قسم فرويد مراحل نمو الأطفال لخمسة مراحل:
1- المرحلة الفموية: وهي تبدأ من الولادة إلى غاية سنتين من عمر الرضيع وفيها يكون تركيز الرضيع على فمه لاكتشاف العالم, فهو سيرضع أولا من أمه, وسيجد متعة في عض ومص أي شيء تقع عليه يداه, من ألعاب وغيره.

2- المرحلة الشرجية: وهي تبدأ من سنتين إلى غاية أربع سنوات تقريبا, وفيها يتعلم الطفل التحكم في عملية الإخراج والذهاب للحمام, وحينها سيجد الطفل متعة في عملية الإخراج.

3- المرحلة القضيبية: من ثلاث سنوات أو أربع إلى غاية سبع سنوات تقريبا وحينها يكتشف الطفل عضوه التناسلي وقد يجد متعة في العبث به.

4- مرحلة الكمون: من ست سنوات أو سبع إلى غاية سن البلوغ, وحينها يدخل الطفل مرحلة الكمون الجنسي.

5- المرحلة التناسلية: عند البلوغ يدخل الطفل مرحلة عمرية جديدة وتصير لديه مشاعر جنسية, ويصير جسمه قادرا على إقامة علاقة جنسية متكاملة.

عقدة أوديب:
 لابد وأن هذا المصطلح قد سبق ومر عليك, ولكن ما المقصود بعقدة أوديب؟
حسب فرويد فإن في كل مرحلة من المراحل الخمس يواجه الطفل تحديا للانتقال للمرحلة الموالية, فهو في المرحلة الفموية سيواجه تحدي الفطام, وفي المرحلة الشرجية سيواجه تحدي تعلم الحمام وفي المرحلة القضيبية سيواجه عقدة أوديب.
أوديب هو شخصية من شخصيات الأسطورة اليونانية والذي قتل أباه وتزوج أمه دون أن يدري.
حسب فرويد فإن الطفل يكون في بداية حياته متعلقا بأمه بشكل كامل وتمثل هذه الأم حبه الأول, لذا فالطفل يريد أمه حتى بالمفهوم الجنسي...وكما سبق وأشرت فإن مفهوم الجنس عند فرويد جد واسع ولا يقتصر على الجماع.
إذن هذا الطفل لن يرغب في أن يشاركه أمه أحد, لذا سيُكوّن عقدة أوديب وسيشعر بمشاعر الكراهية اتجاه أبيه, أي بمعنى آخر فإن الطفل سيغار على أمه من أبيه.
في هذه المرحلة القضيبية أيضا سيشعر الطفل بأهمية عضوه التناسلي وسيدرك أنه يختلف عن الإناث وعن أمه التي ليس لها عضو ذكري وهكذا سيخاف الطفل الذكر على قضيبه كثيرا وسيُطور ما أسماه فرويد بقلق الإخصاء, إذ أن الطفل الذكر سيخاف من كل ما هو حاد من سكاكين ومقص وغيره...
في حين أن الطفلة الأنثى ولأنها بدون قضيب ستدرك أيضا أنها ليست كالذكر وستشعر بالامتعاض من هذه الحقيقة لأن العضو الذكري رمز القوة والهيمنة, وبالتالي ستُطور ما أطلق عليه فرويد بالحسد القضيبي أي أنها ستغار من الذكور وسترغب في أن يكون لديها قضيب أيضا وهكذا تُظهر ولعاً اتجاه أي شيء يشبه القضيب كالأشياء البارزة.
إلا أن الطفلة التي تحب أيضا أمها في بداية علاقتها بها أيام كانت رضيعة لن تُطور قلق الإخصاء كما الذكر لأنه ليس لديها قضيب وبالتالي فحسب فرويد فإن الجنس عند المرأة ليس جد صارم التوجه من حيث الميل للرجل, كما هو عند الذكر الذي يميل بشكل صارم لأمه, فالأنثى تميل لأمها ثم بعد ذلك لأبيها لاحقا...كما أن الأنا الأعلى عند المرأة أضعف منه عند الرجل أي أنها أخلاقيا أقل منزلة من الرجل.
وأعود وأكرر أن هذا حسب ما يعتقده فرويد.
المشاكل النفسية المرتبطة بكل مرحلة:
 مشاكل في المرحلة الفموية نوعان سلبي وعنيف, السلبي متمثل في أن تقوم الأم بفطم رضيعها مبكرا قبل أن يشبع مرحلته الفموية, قد يُؤدي بالطفل لاضطرابات في الشخصية عندما يكبر فيصير مرتبطا أكثر بالآخرين ويبدأ بالقيام بنشاطات متعلقة بهذه المرحلة كإدمان تناول الطعام أو التدخين, في حين أن العنيف يتعلق بفطم الرضيع المبكر بعد أن تنمو له أسنان فيبدأ بعض حلمات أمه, فيكبر ليُطور سلوكات عصبية كعض القلم أو مضغ العلكة وعض الأشياء.

مشاكل المرحلة الشرجية أيضا نوعان سلبي وعنيف, فالطفل الذي كان يتعرض للعقاب من طرف والديه في مرحلة تعلم الحمام فإنه قد يتحول عندما يكبر لشخص جد محافظ ومرتب وعنيد وربما بوسواس نظافة..في حين أن الطفل الذي كان يستعطفه والداه كي يقضي حاجته بالحمام ويكافئانه كلما فعل ذلك بشكل صحيح فإنه سيكبر ليصير غير مرتب ومستهتر.

مشاكل المرحلة القضيبية: إذا تعرض الطفل الذكر للإهمال بهذه المرحلة من طرف أمه في حين كان يتعامل فقط مع والده فإنه سيكبر ليصير ضعيف الشخصية وبمشاكل جنسية وقد ينغلق على نفسه وينصرف للتركيز على التحصيل العلمي أو أن يتحول لمخنث.
أما الطفلة التي تتعرض للاهمال من طرف والدها والاهتمام من طرف أمها فإنها أيضا ستكبر بشخصية ضعيفة وستصير فتاة جد مؤنثة.
والعكس إن تعرض الطفل بهذه المرحلة للإهمال من طرف والده و الاهتمام من طرف والدته فقط, فإنه سيكبر ليصير باعتقاد راسخ أن لا أحد يحبه بهذا الكون مثل أمه وسيصير "ابن ماما" في حين أن الطفلة التي تتعرض للاهمال من طرف أمها والاهتمام من طرف أبيها فإنها قد تصير مسترجلة.

حسن الآن أدركت ملامح نظرية فرويد الجنسية.
يمكنك القراءة عن الانتقادات الموجهة ضد فرويد: انتقادات التحليل النفسي

تعليقات

  1. قرأت لفرويد النظرية الجنسية بعيدًا عن كونها صادمة عندما وصلت لنظريته عن الأنثى بشكل مفصل شيء لا يصدق حقًا ههههههه
    والمضحك في الموضوع اخواننا العرب الله يهديهم كنت اسمع من البعض يقولون أن المرأة تميل للمازوخية وعندما أسأله من أين لك هذا الكلام ..يقول فرويد قال ذلك .. يستدل على فرويد كأن نظريته مسلّمة والمضحك أكثر أنهم حتى ليسوا فاهمين النظرية بشكل صحيح وتركوا كل نظريات فرويد وركزو ماكتبه على المرأة (أنها مازوخية بالطبع) بسم الله عليهم مثقفين ..والمشكلة ان هذا المفهوم انتشر والبعض صدق حتى بدون البحث والمعرفة فقط لأنهم سمعوا أن فرويد قال وأشك انهم يعرفون من هو فرويد

    نظرية فرويد لعقدة أوديب جيدة ولكن لم يتوفق عندما تحدث عن المرأة

    تلخيص جيد كالعادة أنتظر مقالاتك القادمة

    ردحذف
    الردود
    1. هههه طبعا أي شيء ينتقص من المرأة يُحفظ عن ظهر قلب.
      فرويد كان متأثرا بالمجتمع الذي يعيش فيه, الذي هو القرن التاسع عشر.. حيث لم تكن للمرأة حقوق وكانت تظهر بمظهر سلبي لأنه لم يكن لها خيارات عدة في الحياة كما هو الحال اليوم...يمكن أن نقول أن فرويد لا يُلام لأنه بنى نظريته من ملاحظاته الشخصية للمرأة بمجتمعه آنذاك.
      الذي يُلام من يعتقد بذلك بالقرن الواحد والعشرين هههه

      حذف
  2. يا للهول، فرويد طلع مجنون.

    ردحذف
  3. فرويد متعصب ومبالغ بطبعه
    اذكر اني قرات احد كتبه طريقة ربطه للاحداث السابقة للانسان بالاعراض النفسية ذكرتني بشرلوك هولمز وهو يحل لغزه حلا مترابطا اظن ان فرويد كان ليصلح اكثر كروائي
    لكن بطبيعة الحال لا يمكننا ان ننكر دوره نهاائيا

    ردحذف
  4. مقال غريب حقا .. يبدو ان فرويد كان يكثر ف التفكير في الجنس ،،،
    لكن هنا
    "..كما أن الأنا الأعلى عند المرأة أضعف منه عند الرجل أي أنها أخلاقيا أقل منزلة من الرجل"
    بصراحة اتفق معه ولكن ليس اخلاقيا بل في اغلب زبمجالات تقريبا .

    ردحذف
  5. غير معرف4/14/2018 04:53:00 م

    بصراحة كلام فرويد يدعو الانسان قليلآ للتفكير بخصوص المراحل كل كلمة لو رايتها وفكرة فيها فعلا وتابعت طفل مولد بتلاحظ كل كلمة قالها
    فعلا حتى المشاكل المرتبطة بالمراحل كلها طبق الواقع
    ونلاحظ دا انى كل طفل بيكون مختلف عن التانى لما يكون شاب
    سواء فتاة او شاب فى التفاصيل الشخصية الدقيقة وفى الشخصية نفسها
    ونلاحظ اغلب الناس بيقول انى السبب فى تلك المشاكل هى البيئة والاباء
    بتفكير دقيق ووجهة نظر فعلا بعتقد انى الجنس فعلا هو اصل الامراض النفسية
    واصل كل شىء فى الحياة سواء شر او خير وكله محوره المراة
    بنلاحظ انى الرجل بطبعه ينجذب للمراة بدون مقاومة ودوافعه فى اكتساب قلبها
    وعقلها وحبها بتخليه مستعد يخسر اى شىء فى الحياة سواء الترابط الاسرى
    او حتى النفسى ودا كمان بيفسره عدم صلاة المرأة والرجل فى مسجد معا
    انى لو كان فى مراة فى المسجد الرجل ممكن يخسر عبادته عشانها

    ردحذف
  6. كل شيء قاله صحيح تقريبا فعلا كلنا مررنا به ونتذكر جزء منه أما ما قاله عن الأناث من أنهم يتمنون عضوا كما عند الذكر هذا أبدا لا يحدث بالعكس في طفولتي كنت أتقزز من منظره وأشعر أنه إهانه للذكر ومصدر خجل له ، ولكن ماذا بالنسبة لمن ليس لديه أم أو أب خصوصا الذكر أذا كان من دون أم ؟؟؟ أنا نشأت من دون أب لأنه كان مسافرا ولم أشعر أيضا بالحب والعطف من قبل والدتي وعندما عاد والدي التمست له العذر بعدم اهتمامه بي بسبب سفره لذا أحببته أكثر ومن ثم مررت بعقدة أوديب أي أظن أنني كنت أكره بقاء أمي مع أبي في غرفة واحدة أو حديثهما سرا ٠ مسألة الأنا الأعلى والأنا والهو تحتاج لمزيد من التفصيل والدراسة.

    ردحذف
    الردود
    1. استكمالا لما سبق من الغريب حقا والمثير للدهشة أنني أتذكر تلك التفاصيل والأفكار التي تحدث عنها فرويد هل تعلم أنني كأنثى أيضا كنت أعاني من قلق الإخصاء كما اسماه فرويد فهو أمر غير مرتبط بالذكور فقط وأيضا غير متعلق بالسبب الذي ذكره فقد كنت أخاف من الآلات الحادة وأخاف من أمي أن تقوم بفعل شيء يؤذيني لا أعلم لماذا أو ربما أعلم المهم أنه شيء غير متعلق بالذكور فقط 😂😂

      حذف